الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نسبة المؤلفات إلى غير مؤلفيها والإعانة على ذلك والمال المكتسب من بيعها

السؤال

والدي كان يمسح اسم المدرس من مذكرته التي ألَّفها، ويضع اسم معلم آخر، ويبيعها، فوكلني أن أفعل ذلك، ولم أكن أعلم ذلك، فكنت أمسح الاسم بطريقة عفوية، بمعنى أنني لم أدرك ما أفعل إلا بعد مسحها من بعض الأوراق، وعندما انتبهت، وعرفت الأمر، توقفت عن ذلك، لكنني لم أرجع ما فعلته، وقد جعل أبي أختي الأخرى تكمل عني، وبعدها باعها، فهل عليَّ إثم؟
وأيضا: مذكرات أخرى أرسلها أبي من هاتفي: pdf، دون استئذان صاحبها، وتاجر فيها، فهل هذا تعاون على الإثم؟ وقد مسحتها بعدما ندمت، لكن مستقبِل الرسالة غالبا لديه البرنامج المشهور، الذي يرجع الرسائل المحذوفة، ومرة أخرى اتصل شخص بأبي لتسليمه مالا لمثل هذه المذكرات، وحينها كنت في درس، وبعدما رجعت إلى المنزل أعطاني أبي مالا لأدفعه في الدروس، فأخذته رغم شكي الكبير أن هذا المال من ثمن تلك المذكرات، فهل علي شيء؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا تجوز نسبة المؤلفات إلى غير مؤلفيها، ولا الإعانة على ذلك، فهذا من الاعتداء على حقوق الناس، مع ما فيه من التزوير، والغش، وتَشَبُّع الشخص بما لم يُعْطَ، وقد قال تعالى: وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {الحج: 30}.

وفي الحديث: من غش فليس منا. أخرجه مسلم.

وفي الحديث: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور. متفق عليه.

لكن إن كنت تجهلين حرمة ذلك، أو لم تعلمي بحقيقة العمل، وما فيه من سرقة مؤلفات الآخرين: فلا إثم عليك، وقد قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}.

والكتب محفوظة الحقوق لا تجوز المتاجرة فيها دون إذن من مالكي الحقوق، لأن حقوق الملكية الفكرية، ونحوها من الحقوق المعنوية مصونة، ومملوكة لأصحابها، ولا يجوز التعدي عليها، وهذا الذي صدر به قرار مجمع الفقه الإسلامي، وغيره من المجامع العلمية.

فلا يجوز لكِ إعانة والدكِ على ذلك، وإن سبق منك شيء من ذلك مع علمكِ بالتحريم: فيجب عليكِ التوبة إلى الله منه، ولا يؤثر في صحة توبتكِ بقاء تلك الملفات في هواتف من أرسلت إليهم، وانظري الفتوى: 387301.

ولا شيء عليكِ في المال الذي أخذتِه من أبيك، ولو فُرض أنه كان أجرة محرمة، فإن التحريم متعلق بذمته، لا بعين المال، وانظري المزيد في الفتويين: 250366 439024.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني