الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يتصرف الولد مع والده الذي يأخذ ماله لغير حاجة؟

السؤال

ما حكم ما يأخذه مني والدي من نفقة رغم أنه أغنى مني، إذ يمتلك عقارات وأراض، بينما لا أملك إلا عملي فقط، وأعاني العديد من الأمراض، وهو لا يزال صحيحًا قويًا؟
وما حكم ما لي عند والدي من ديون لم يرجعها لي؟ والأموال التي كان يرسلها لي عمي للدراسة يقوم بأخذها وإنفاقها على البيت؟ وما سرقه مني وغصبه من أثاث وأوان ومواد بناء وقطعة أرض؟ والمنزل بنيته بعرق جبيني وكان يعدني أنه لن يكون إلا لي، ثم طردني منه؟ وما حكم هدره لأموالي، وحرصه على أموال إخوتي؟ وما حكم اتهامه لي بتهم باطلة أمام المحاكم؟
منذ صغري كان والدي كسولًا مقصرًا في طلب الرزق، مكتفيًا بمراقبتنا ووالدتنا، وضربنا وتعنيفنا على كل كبيرة وصغيرة.
ومنذ أن عملت أصبحت أنفق على الأسرة لبناء بيت على أرضه، وتلبية كل متطلبات الأسرة، حتى الإبرة إذا لم أقم بشرائها فلن تلج بيتنا، بينما كان يجمع مداخيله من بيع العسل والأغنام وبعض المحاصيل، وحينما أردت شراء أرض سارع واشتراها، رغم ادعائه الفقر والعدم.
زَوَّجْتُ أخواتي، ودرَّستُ إخوتي، والآن أبلغ من العمر 39 سنة، بلا مسكن، ولا أرض ولا رصيد، بينما هو يملك أراض وبيتًا في القرية، هذا البيت الذي بنيته ثم طردني منه، واستولى على قطعة أرض اشتريتها بجانب البيت، سرق مني الأثاث والأواني، وحتى دولاب ملابسي، أصبحت أضع ملابسي داخل علب الكرتون.
رفع علي شكايات كيدية بالسب والقذف والتهديد بالقتل، وبعدم الإنفاق، مدعيًا أنه لا يملك ما يأكل، وأمام القاضي أنكر وجود منزل له في المدينة، والمناحل والأغنام، وتظاهر بالعجز والهرم، بينما هو أكثر صحة مني أنا الذي أعاني من 5 أمراض مزمنة.
إخوتي لم يجلبوا له لباسًا ولا حذاءً قط، ومع ذلك يحبهم ويستقبلهم في البيت الذي شيدته وشردني منه؛ لأنه يريدني أن أظل أنفق عليه كل دخلي، كما كنت أفعل سابقًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله -تعالى- أن يصلح حال والدك، ويرزقه الرشد والصواب، ونوصيك بأن تكثر من الدعاء له بخير، فذلك من أعظم بِرِّك به.

ولا يجوز للأب في قول جمهور الفقهاء أن يأخذ من مال ولده لغير حاجة إلا برضاه، ومن ذهب إلى جواز الأخذ -ولو من غير حاجة- كالحنابلة اشترطوا ألا يكون في ذلك ضرر بالولد، وإجحاف بماله. وسبق أن بينا ذلك بالتفصيل في الفتوى: 411157.

ومنها تعلم أن أباك إذا تصرف في مالك على الوجه الذي ذكرت، فقد أساء بذلك وظلم.

وهنالك خلاف في حكم مطالبة الابن أباه بما له عليه من دين، والجمهور على جواز ذلك، كما هو مبين في الفتوى: 327073.

ولكن مما ينبغي التنبه له هو ألا يكون التعامل مع الأب في هذا الجانب كالتعامل مع غيره في جانب المطالبة والإلحاح، ويمكن للولد السعي في سبيل استخلاص حقه بتوسيط من لهم وجاهة عند أبيه من الأقرباء أو الأصدقاء، فإن تيسر استرداد هذا الحق أو جزء منه، فذاك، وإلا فلعل الولد إذا صبر أن يعوضه الله خيرًا.

ومما يجدر التنبيه عليه هو أن من حق الأب على ولده أن يبره، ويحسن إليه وإن جار عليه وظلم. فيجب الحذر من الإساءة إليه ولو بأدنى إساءة، فذلك موجب للعقوق، وراجع الفتوى: 299887.

نسأل الله -عز وجل- أن يشفيك، وييسر أمرك، ويعينك ويقويك، فالجأ إلى الله، ولُذْ بِجَنَابه، فخزائن السماوات والأرض بيده.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني