الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التضييق على الزوجة الناشز لتختلع على مال

السؤال

كيف أتعامل مع زوجتي الناشز التي حاربتني في بر والديّ من خلال تشكيل عائق للإنفاق عليهم، وحرمتهم من رؤية أطفالي، وبدأت تتهم أبي بالتعصب بسبب التزامه الديني، ولم أستطع التخلي عن والديّ؛ لأنهم بحاجة إليَّ، فهو مريض لا يعمل، ويسكن بالإيجار، وأنا الولد الوحيد لهم (علما أننا نسكن بمسكن منفصل). فكانت تعارض فكرة ذهابي لزيارتهم، أو رؤيتهم للأطفال، كما تعارض زيارتهم لمنزلي، بل وحتى بدأت تتسبب بكره أطفالي لي أثناء غيابي في العمل لهذه الأسباب، وعندما يئست من هذه التصرفات أعلنت حربها ضدي، وتركت المنزل لأسباب تافهة جدا، وسافرت لمنزل أهلها للمرة الثانية بدون إذن، والآن تطلب الطلاق بدون مسوّغ شرعي من خلال محاكم غير شرعية في تركيا بعد 9 أشهر من النشوز؛ لأنني رفضت السفر لمنزل أهلها، أو الانتقال للعيش إلى مدينة أخرى بعيدة عن أهلي. قالت العديد من الافتراءات الكاذبة خلال هذه الفترة، وأنا التزمت الصمت، وقطعت وسائل الاتصال بيننا؛ لكي تهدأ قليلاً، لكنها بدأت الحرب ضدّي في المحاكم من خلال اتهامي بالتعصب -أيضاً-، وعدم السماح لها بالاختلاط، أو الذهاب لزيارة طبيبة بدلاً من الطبيب، أو عدم السماح لها بالركوب مع سائق تاكسي بدون ضرورة، علماً أنها بدأت تتمرد بشكل علني ضد الضوابط الشرعيّة، وتطلب الطلاق بعد أن أخذت الذهب، والمهر المقدّم، وألحقت أضراراً مادّية في المنزل، وهي الآن تطلب أرقاما كبيرة جداً في المحكمة غير الشرعية كتعويضات قانونية للطلاق المدني.
هل يعتبر طلب الطلاق في هذه الحالة خلع؟ وهل يحق لي طلب استرداد المهر المقدّم، والذهب للموافقة؟ علما أنني لم أكن أنوي نية الطلاق أبدا، بل على العكس كنت أحاول دوما تأسيس أسرة مسلمة محافظة مستقرة، ولكنها أعلنت نشوزها، وتمرّدها ضد القوامة للرجال، وهي تحاول الآن أن تربح هذه الحرب عن طريق القانون المدني.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمسائل التي فيها نزاع وخصومة لا تنفع فيها الفتوى؛ ولكن مردها إلى القضاء الشرعي للفصل فيها، أو إلى من يرتضيه الزوجان للحكم بينهما ممن يصلح لذلك.

ومن حيث الحكم الشرعي على وجه العموم، ننبه إلى ما يلي:

-لا حقّ للزوجة في الاعتراض على زوجها في إنفاقه على والديه -أو غيرهم- أو إعانته لهم بالمال، وما دام الزوج ينفق على زوجته، وأولاده بالمعروف، فله أن يتصرف في ماله بما شاء من أوجه التصرفات المباحة.

-لا حقّ للزوجة في منع زوجها من زيارة والديه، أو زيارتهم له، أو حرمانهم من رؤية أولاده، وكل ذلك حرام، وهو سوء عشرة، وقطع للأرحام.

-لا حقّ للمرأة في سؤال الطلاق دون مسوّغ، وإذا سألت الطلاق من غير إضرار من الزوج بها، ففي هذه الحال لا يجب على الزوج أن يجيبها إلى الطلاق، وله أن يمتنع من طلاقها حتى تسقط له شيئا من حقّها كبعض المهر، أو المهر كله تفتدي به نفسها.

-لا حقّ للمرأة في الخروج من بيت زوجها بغير رضاه؛ إلا لضرر يلحقها من البقاء في بيته، أو ضرورة تحوجها إلى الخروج، وإذا خرجت دون عذر فهي ناشز.

قال الخطيب الشربيني -رحمه الله- في الإقناع: وَالنُّشُوزُ يَحْصُلُ بِخُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، لا إلَى الْقَاضِي لِطَلَبِ الْحَقِّ مِنْهُ، وَلا إلَى اكْتِسَابِهَا النَّفَقَةَ إذَا أَعْسَرَ بِهَا الزَّوْجُ، وَلا إلَى اسْتِفْتَاءٍ إذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا فَقِيهًا وَلَمْ يَسْتَفْتِ لَهَا. انتهى.

- ومن حقّ الزوج إذا كانت زوجته ناشزا أن يسلك من السبل ما يحملها على أن تختلع منه على مال، فتسقط له مهرها، أو بعضه، أو المتعة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {النساء:19}، قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: وقال ابن مسعود، وابن عباس، والضحاك، وقتادة: الفاحشة المبينة في هذه الآية البغض، والنشوز، قالوا: فإذا نشزت، حلّ له أن يأخذ مالها، وهذا هو مذهب مالك. انتهى. وراجع الفتوى: 8649

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني