الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية الجمع بين طلب العلم الشرعي والعلم الدنيوي

السؤال

أقضي بالمعدل ساعتين يوميا للقراءة من موقعكم في شتى الفتاوى، رغبة لفهم النظرة الشرعية في أمور حياتي.
هل هذا يعتبر من طلب العلم الشرعي المقترن بفضل عظيم؟
علما بأني في وقت حرج، ولدي امتحان كبير في مزاولة مهنة التمريض بعد 10 أيام، ولكنني كل يوم أقضي ساعات في موقعكم،
وأشعر أن الوقت ضيق، فهل أمنع نفسي من هذا، عندما أكون في وقت ضيق؟ أم هذا أمر محمود، وليس من الحكمة أن أمنع نفسي من البحث في المسائل الدينية لأجل علم دنيوي؟ مع أنني أشعر أنني أضيع وقتي أحيانا، وأن هذا الوقت ثمين، ويمكنني البحث بالأمور الدينية في وقت آخر.
جزيل الشكر لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فشكر الله لك حرصك على الخير، ورغبتك فيه، ولا ريب أن ما تفعلينه من قراءة الفتاوى بقصد التعلم، ومعرفة أحكام الدين هو نوع من طلب العلم، وهو داخل في عموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة. رواه الترمذي، فإن الطريق لطلب العلم أعم من أن تكون محسوسة، أو معنوية كقراءة، ومطالعة، ونحو ذلك.

قال المناوي في فيض القدير: من سلك طريقا" حسية، أو معنوية، ونَكّره ليتناول أنواع الطريق الموصلة إلى تحصيل أنواع العلوم الدينية.. علما: نكَّره ليشمل كل علم، وآلته، ويدخل فيه ما قل، وكثر... (سهل الله له به) أي بسببه (طريقا) في الآخرة، أو في الدنيا بأن يوفقه للعمل الصالح (إلى الجنة)... قال ابن جماعة: والأظهر أن المراد أن يجازيه يوم القيامة بأن يسلك به طريقا لا صعوبة له فيه، ولا هول إلى أن يدخله الجنة سالما، فأبان أن العلم ساعد السعادة، وأس السيادة، والمرقاة إلى النجاة في الآخرة، والمقوم لأخلاق النفوس الباطنة، والظاهرة، فهو نعم الدليل، والمرشد إلى سواء السبيل. انتهى مختصرا.

فإذا علمت هذا، فإن الثواب الجزيل يرجى لك بهذه المطالعة، ثم ما كان من طلب العلم متعينا عليك، فلا يجوز تأخير طلبه، والبحث عن حكمه، والسؤال عنه لمعرفته، وما كان غير متعين، فتأخير طلبه يجوز.

وما يتعين، وما لا يتعين من العلم قد بيناه في الفتوى: 170405، والمسلم إذا وازن بين الأعمال، وأعطى كل ذي حق حقه، وتقلل من فضول المخالطة، والنوم، ونحو ذلك سهل عليه الجمع بين المصالح المختلفة، فيسهل عليك بإذن الله إذا نظمت وقتك، وتقللت من الفضول المؤذي أن تجدي الزمن الكافي للمذاكرة، والتحصيل في دراستك الدنيوية بحيث لا يتعارض ذلك مع قراءتك، وتحصيلك للفتاوى النافعة، فإن حدث تعارض، فإن الشرع لم يأت بما يضر بالعبد، فقدمي ما هو أولى مما فيه مصلحتك، فما لم يكن طلب العلم متعينا، بل كان يمكن تأخيره، وكانت تلك القراءة تضر بتحصيلك في مجال دراستك، فقدمي بالنية الصالحة ما يتعلق بمجال دراستك على أن تعوضي ما فاتك بمزيد من الاجتهاد في القراءة، والتحصيل الشرعي في مواسم الإجازات، وأوقات الفراغ، ونحو ذلك، ومن يستعن بالله يعنه، ولا شك، فاستعيني بالله تعالى، وسليه التوفيق للعلم النافع، والعمل الصالح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني