الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الغضب الداخلي على الأب هل يدخل في باب العقوق؟

السؤال

يمنعني والدي من زيارة أهله، وهو مقاطع لهم منذ سنين، ولم أستطع إقناعه لقوله: إنهم يمارسون السحر،
وكذلك لا يذهب لصلاة الجمعة، مع أنه محافظ على كل الصلوات في البيت، وكذلك لديه تميمة يعلقها، ويقول: هي التي أبعدت عني سحرهم.
أنا أعيش معه في منزل واحد، وأجاهد نفسي أن لا أغضب منه، لكن في أغلب الأحوال أغضب منه،
وهو غضب داخلي؛ لأن ما عليه أبي هو شرك بالله، ومعصية. أريد منكم النصيحة، وهل غضبي عليه عقوق؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن لم يترتب على هذا الغضب أي نوع من الإساءة لوالدك، فليس من العقوق في شيء.

قال بدر الدين العيني في عمدة القارئ: قال الشيخ تقي الدين السبكي: إن ضابط العقوق إيذاؤهما بأي نوع من أنواع الأذى، قلَّ، أو كثر، نهيا عنه، أو لم ينهيا، أو يخالفهما فيما يأمران، أو ينهيان، بشرط انتفاء المعصية في الكل. انتهى.

والغضب على حرمات الله مطلوب شرعا، وهو دليل إيمان، ولا خير فيمن لا يغار، ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه.

والواجب نصح والدك فيما ذكرت عنه من منكرات، وينبغي أن يكون النصح برفق، ولين، والأولى أن يكون ذلك من بعض المقربين إليه، ومن لهم مكانة عنده يرجى أن يسمع لقوله، ويستجيب لنصحه.

ومنع والدك لك من زيارة أهله، إن كان لغرض صحيح، كأن يخشى عليك ضررا حقيقيا، وليس متوهما، فالواجب عليك طاعته، وإن لم يكن لغرض صحيح، فلا تجب عليك طاعته.

وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 76303، والفتوى: 272299، ففيهما بيان حدود طاعة الوالدين.

وإن لم تمكن الزيارة، فلك صلتهم بوسائل الصلة الأخرى، كالاتصال الهاتفي، ونحوه، فقد ذكر أهل العلم أن كل ما عده العرف صلة، فهو صلة، قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: وأما صلة الرحم فهي الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل، والموصول، فتارة تكون بالمال، وتارة بالخدمة، وتارة بالزيارة، والسلام، وغير ذلك. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني