الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تزويج المرأة الرشيدة نفسها

السؤال

عندي أخت مطلقة، كانت تريد الزواج من شخص، وهذا الشخص دكتور مثلها، وهو مسافر خارج البلد بسبب مشاكل. أخي، وأمي رفضوا هذا الزواج نهائيا.
أختي قالت لأخي: إنها خصيمته يوم القيامة؛ لأنه منع عنها الحلال، أخي خاف من كلامها، وقال لها: أنا لست مسؤولا عنك، اذهبي، وزوجي نفسك بمن تريدين. أنا لن أمنعك، لكن لن أتدخل في هذا الزواج. أختي تزوجته زواجا عرفيا عن طريق توكيل منه لمحامي بحضور أخواته، وحضوري،
ولكن أنا أخاف على أختي من وقوعها في الحرام؛ لعدم وجود ولي، مع العلم أن عندها أولادا بالغين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأكثر أهل العلم على اشتراط الولي لصحة النكاح، فلا يصحّ أن تزوج المرأة نفسها، بكراً كانت، أو ثيباً، كبيرة كانت، أو صغيرة، وهذا هو المفتى به عندنا خلافا لمذهب أبي حنيفة -رحمه الله- الذي يرى صحة تزويج الرشيدة نفسها.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: المرأة البالغة العاقلة الحرة الرشيدة لا يجوز لها تزويج نفسها، بمعنى أنها لا تباشر العقد بنفسها، وإنما يباشره الولي عند جمهور الفقهاء؛ لحديث: لا نكاح إلا بولي.... ولا يجوز لها أن تزوج غيرها، سواء أكانت المرأة بكرا، أم ثيبا....... أما الحنفية: فإنه لا يجوز عندهم إجبار البالغة على النكاح بكرا كانت أم ثيبا، ولها أن تعقد النكاح بنفسها. انتهى مختصرا.

فإذا تزوجت المرأة الرشيدة بغير ولي، تقليدا لمذهب أبي حنيفة -رحمه الله- مطمئنة لصحة هذا القول؛ فزواجها صحيح، وانظري الفتوى: 140134

وإذا رغبت المرأة في الزواج من كفء لها؛ فلا حقّ للولي في منعها من تزوجه، وإذا منعها؛ كان عاضلا لها، وجاز أن يزوجها الولي الأبعد، أو ترفع الأمر إلى القاضي، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: إذا عضلها وليها الأقرب، انتقلت الولاية إلى الأبعد. نص عليه أحمد، وعنه رواية أخرى، تنتقل إلى السلطان. انتهى.

وعليه؛ فالمفتى به عندنا؛ بطلان الزواج الذي تمّ بغير ولي؛ وتصحيحه يكون بالإيجاب من الولي، أو وكيله، والقبول من الزوج، أو وكيله، في حضور شاهدين،

وولي المرأة على الترتيب، على القول الراجح عندنا، هو: أبوها، ثم جدها، ثم ابنها، ثم أخوها الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم أولادهم وإن سفلوا، ثم العمومة، وما دام لها ابن بالغ، فهو أحق بتزويجها؛ فإن رفض أبناؤها تزويجها؛ فيزوجها من بعدهم من الأولياء على الترتيب المذكور؛ فإن رفض جميع الأولياء، زوجها القاضي.

وننوه إلى أهمية توثيق عقد الزواج في المحاكم؛ لأنّ توثيق هذه العقود صار ضرورة واقعية؛ لحفظ الحقوق، وراجعي الفتويين التاليتين: 349690 ، 405094 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني