الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم سفر الزوجة بإلإذن من زوجها وهو كاره

السؤال

زوجتي طلبت مني أن تسافر مع ابنتها "ربيبتي"؛ لتوصيلها للدراسة في الجامعة في أمريكا، وكنت قد وافقت مكرها، وبدون راحة قلب، وفعلت ذلك لسببين، الأول : لكي لا تنفجر الأمور، وتتصعد للأسوأ، والثاني: لكي لا أفسد فرحة زوجتي، وابنتها. لكن ربيبتي كانت قد سافرت وحدها العام الماضي؛ لبرنامج صيفي للدراسة في أمريكا، ولا أرى ضرورة لسفر زوجتي، لكني -كما قلت- سمحت، وأنا مكره، وقلبي رافض، وتعاهدنا أن لا يتكرر ذلك إلا في حالة الضرورة القصوى. هن الآن في الولايات المتحدة، ثم حادثتني قائلة: إنها هي من تحدد الضرورة، وتنكر حقي في منعها، علما أني أوافق في حالة الضرورة الملحة لكني أمنع، ولا أرضى بسفر زوجتي بدون محرم لدار الكفر. إضافة إلى ذلك هي تعيش مع أسرة مسلمة، وفي الأسرة زوج للسيدة صاحبة المنزل، ولا أقبل بذلك، ولا أقبل بجلوسهم للطعام معا. وقلت: لن يتكرر ذلك، وهي تصر أنها حرة في تقدير الضرورات. إضافة إلى ذلك، أنا أعمل في الخارج، وأصبح التواصل بيننا شبه معدوم،
وهذا يضايقني، وكنت قد وافقت أن لا تأتي لي زوجتي في الخارج؛ بسبب أنها قالت: إن ابنتها الصغيرة لا يمكن أن تعيش في تلك الفترات وحيدة، ووافقت، لكن الآن تعيش ابنتها الصغيرة مع الجد، والجدة في مدينة أخرى، وتتعطل عن الدراسة لفترة طويلة تتجاوز العشرة أيام، وهذا يضر بنا جميعا. وأنا لا أقبله.
فما حكم سفر زوجتي، وأنا كاره؟ وما حكم عيشها في منزل فيه رجل غريب؟ حتى ولو معه زوجته.
إذا منعتها؛ -لأني لا أرى ضرورة- هل تكون ناشزا بلا جدال؟ هل إذا تصعد الأمر هل نجد قاضيا شرعيا أقول: شرعي عاقل يخشى الله أن يطلقها لسبب كهذا،
ويفسخ عقد نكاحنا؟ زواجنا شرعي، وليس مدنيا. ماذا عن الخلع هل يقبل لسبب كهذا إذا أصرت؟ أنا لا أسعى للتصعيد، وأتمسك بالدعاء، والنصيحة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فخروج المرأة من بيت زوجها دون إذنه –فضلا عن سفرها- لغير ضرورة، غير جائز، وهو نشوز، تسقط به نفقتها.

قال الخطيب الشربيني: وَالنُّشُوزُ يَحْصُلُ بِخُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، لا إلَى الْقَاضِي لِطَلَبِ الْحَقِّ مِنْهُ، وَلا إلَى اكْتِسَابِهَا النَّفَقَةَ إذَا أَعْسَرَ بِهَا الزَّوْجُ، وَلا إلَى اسْتِفْتَاءٍ إذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا فَقِيهًا، وَلَمْ يَسْتَفْتِ لَهَا. وقال الرحيباني: وَيَحْرُمُ خُرُوجُهَا أَيْ الزَّوْجَةِ : بِلَا إذْنِهِ أَيْ : الزَّوْجِ، أَوْ بِلَا ضَرُورَةٍ كَإِتْيَانٍ بِنَحْوِ مَأْكَلٍ؛ لِعَدَمِ مَنْ يَأْتِيهَا بِهِ. انتهى.

أمّا حكم سفر الزوجة بإلإذن من زوجها وهو كاره؛ فلم نقف على كلام لأهل العلم بخصوصه،

وأمّا مبيت المرأة في بيت فيه رجل أجنبي؛ فإن كان يعرضها للخلوة، أو خشيت الفتنة، أو كانت هناك ريبة؛ فهو غير جائز، وأمّا إذا لم تحصل خلوة، ولا اختلاط مريب، وكانت الفتنة مأمونة؛ فهو جائز، وانظر الفتوى: 150759

وعلى أية حال؛ فإذا منعت زوجتك من السفر، أو المبيت في بيت فيه رجل أجنبي، أو أذنت لها، ثم سألتها الرجوع إلى بيتك؛ فالواجب عليها طاعتك، وإذا عصتك كانت ناشزا.

وأمّا بخصوص حكم القضاء بالفسخ، أو الخلع، وما يتعلق به في بلد معين؛ فلا علم لنا بذلك.

ونصيحتنا لك، أن تتفاهم مع زوجتك، وتأمرها بالرجوع إلى بيتك، وتبين لها ما يجب عليها من طاعتك، ومعاشرتك بالمعروف، وإذا لم تستجب لك، فوسط بعض العقلاء من الأقارب، أو غيرهم من الصالحين ليكلموها حتى ترجع إلى المعاشرة بالمعروف،

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني