الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلف على زوجته بالطلاق ألا تأخذ شيئا من أهلها، فأهدت لها أمها هدية، فهل يقع الطلاق؟

السؤال

زوجي حلف علي بالطلاق -علما أن زوجي كثير الحلف بالطلاق- إذا أخذت أي شيء من أهلي.
لم أُعلِم أهلي بما حدث؛ لأني لا أريد أن يحقدوا عليه، وقد أهدتني أمي هدية.
ماذا يجب أن أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأكثر أهل العلم على أنّ الحلف بالطلاق، وتعليقه على شرط -سواء أريد به الطلاق، أو التهديد، أو المنع، أو الحث، أو التأكيد- يقع الطلاق بالحنث فيه، وهذا هو المفتى به عندنا.

لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق، وتعليقه الذي لا يقصد به إيقاع الطلاق، وإنما يقصد به التهديد، أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق. وانظري الفتوى: 11592.

وحنث زوجك في اليمين المذكورة؛ يتوقف على نيته بما تلفظ به، هل قصد منعك من أخذ كل شيء؟ وهل قصد منعك إلى الأبد؟ أم قصد منعك مدة معينة؟

فالراجح عندنا، مراعاة النية في اليمين، وتقديمها على ظاهر اللفظ.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في عمدة الفقه: باب جامع الأيمان: ويرجع فيها إلى النية فيما يحتمله اللفظ .......

فإن عدمت النية رجع إلى سبب اليمين، وما هيجها، فيقوم مقام نيته؛ لدلالته عليها، فإن عدم ذلك حملت يمينه على ظاهر لفظه. انتهى.

وقال -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له، .......

ومنها، أن يحلف على فعل شيء، أو تركه مطلقا، وينوي فعله، أو تركه في وقت بعينه. انتهى مختصرا.

فلا بد من سؤال الزوج عن نيته بيمينه، فإن كان قصد المنع عموما؛ فقد وقع طلاقك على القول المفتى به عندنا، وإذا لم تكن هذه الطلقة مكملة للثلاث، فله مراجعتك قبل انقضاء عدتك.

والأولى أن يُشافه الزوج من تمكنه مشافهته من أهل العلم المشهود لهم بالعلم، والديانة بمسألته، ويعمل بفتواهم.

وننوه إلى أنّ الحلف المشروع، هو الحلف بالله تعالى.

وأما الحلف بالطلاق، فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، فينبغي الحذر من الوقوع فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني