الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز قطيعة الأخ المفرط في حقوق والديه؟

السؤال

سافر أخي الكبير للعمل في بلد أجنبي منذ 30 سنة، ولم يزر أهله قرابة 30 سنة. توفي والدي ولم يحضر الجنازة، ثم والدتي ولم يحضر الجنازة، وحتى لم يشارك في مصاريفها.
كل عدة سنوات تنقطع أخباره؛ فنبدأ أنا وإخوتي في البحث عنه، فنجده. كنا نبحث عنه لِنُطمِئن والدتي. والآن لا أريد أن أسأل عنه خاصة أن والديَّ كانا غير راضيين عن تصرفاته. نصحته كثيرا، ولكنه لا يتغير.
هل أحاسب لأنني لا أكلمه، حيث لم يكن بارا بأهله، مع كل النصائح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان أخوك على الحال التي ذكرتِ من الجفاء مع الوالدين والأرحام؛ فهو على خطر عظيم إذا لم يتب إلى الله تعالى.

لكن ذلك لا يسوغ لك قطعه؛ فصلة الرحم واجبة ولو مع القاطع لها؛ ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا.

قال ابن بطال -رحمه الله- في شرح صحيح البخاري: يعني: ليس الواصل رحمه من وصلهم مكافأة لهم على صلة تقدمت منهم إليه، فكافأهم عليها بصلة مثلها.

وقد روى هذا المعنى عن عمر بن الخطاب، روى عبد الرزاق، عن معمر، عمن سمع عكرمة يحدث عن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطاب: (ليس الواصل أن تصل من وصلك، ذلك القصاص، ولكن الواصل أن تصل من قطعك). انتهى.

وإساءة الأخ وفسقه؛ لا يسقط حقّه في الصلة بالمعروف، كما بيناه في الفتوى: 24833

فصلي أخاك ولا تقطعيه، ومن صلته أن تداومي على النصيحة له برفق وحكمة، وتحثيه على التوبة إلى الله من تفريطه في حق والديه وأرحامه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني