الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزيادة في أجرة العمل لكي يأخذها الوسيط

السؤال

أنا صاحب مكتب دراسات، جاءني رجل عنده علاقات كثيرة مع مسؤولين في هذا المكان الذي أنا فيه، وقال لي: إن هناك مشروعًا، ويريدني أن أعمل فيه.
في بداية الأمر وافقت، لكن عندما علمت أن من طبيعة الإداريين أنه إذا كان مشروعك مائة مليون، أنك تزيد في الفاتورة عشرين مليونًا، لكي تصبح مائة وعشرين مليونًا، وعندما تقبض نقودك بعد إتمام العمل، تعيد لهم العشرين مليون الخاصة بهم. هل هذا حلال أم حرام؟ مع العلم أنه لا يوجد منافس لي، أو من هو أحق مني في هذا المشروع، أي: أن المشروع وجد من أجلي.
بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لهؤلاء الإداريين أن يفعلوا ذلك؛ لما فيه من خيانةٍ لأمانة العمل، وأخذ السحت، وأكل للمال بالباطل، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال: 27}، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن رجالًا يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة. رواه البخاري.

ولا يجوز أن يُعانوا على ذلك، ويُعطوا هذا السحت ليأكلوه، فإن الشرع لم يأت بلعن آكل الربا وآخذ الرشا وحدهما، بل لعن من يعينهما عليه كذلك، فلعن مؤكل الربا ومعطي الرشا، كما قال عبد الله بن عمرو: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وفي رواية: (والرائش)، وهو الساعي بينهما.

وكذلك لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. رواه مسلم.

قال النووي في شرحه: هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابيَين، والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل. اهـ.

وقال ابن بطال «شرح صحيح البخاري»: المعونة على معاصي الله وما يكرهه الله، للمعين عليها من الوزر والإثم مثل ما لعاملها، ولذلك نهى الرسول عن بيع السيوف في الفتنة، ولعن عاصر الخمر ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه، وكذلك سائر أعمال الفجور. اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- الخمر وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومشتريها، وساقيها وشاربها، وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء كالعاصر والحامل والساقي، إنما هم يعاونون على شربها. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني