الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قطيعة الوالدين غير مبررة

السؤال

أنا قبل ست سنوات تعرضت لتحرش جنسي من قبل أحد أقربائنا كانوا بنفس الحي، وكل يوم نزورهم، وكان عمري 17 سنة، وأول فترة كنت خائفة أقول لأهلي، وبعد ذلك تشجعت، وقلت لهم: لما كنا على طاولة الطعام، لكن الغريب أن أبي، وأخوي الاثنين لم يعملوا شيئا، حتى لا تحدث مشاكل بالعائلة، لكن بالأساس كانت عندهم مصلحة معهم، واستمر أهلي بزيارتهم، ويأخذوني معهم، وعلى أساس أنهم سينتبهون علي أكثر. أنا أحسست أنه يوجد شيء غلط، لكن لم أكن أفهم، لكن بعد سنة بدأت أفهم، وأفكر بالذي صار، ولماذا أهلي لم يدافعوا عني، وباعوني لأجل مصلحتهم، ولما صرت أفاتح أبي بالموضوع يعصب، ويقول لي: أتقبلين أن تحدث مشكلة، ونذهب إلى السجن؟ (لأن ذاك الرجل كان يعمل بالقانون)، وأنا قلت له: كان على الأقل قاطعتموهم، لكن هو صدمني، واتهمني أنني كنت أتقصد الذهاب عند ذاك الرجل، وأصلا كان أكبر مني بأربعين سنة، وأبي يعرف جيدا أنني لم أخطئ،، لكنه مكار، هو، وإخواني، باعوني لأجل مصلحتهم، وأنا حالتي النفسية من ذلك الوقت بدت تسوء، وذهبت إلى دكتور نفسي، لكن لم أنتفع، والمشكلة أنهم غير معترفين بخطئهم، وأنا قلبي نافر من عائلتي كلها؛ لأنه لم يدافع عني أحد، ويقولون لي: إن تلك العائلة أصحاب فضل علينا. يا الله قلبي يتقطع، مع العلم أن تلك العائلة قاطعت أهلي بعد سنتين من الحادثة؛ لأنهم منافقون.لا أقدر على تخطي المشكلة، وعلاقتي خربت بعائلتي، والآن أنا متزوجة بعيدا عن أهلي، وخاصة أبي عندما يتصل لا أرد عليه، ويبعث رسائل، وهدايا، ولا أرد عليه وأكثر من مرة زوجي يقول لي: تكلمي معه لوجه الله، وأنا أغصب نفسي، وعندما أسمع صوته أعصب، وأعمل له حظرا هو، وإخواني، وأخواتي، فقط أمي أتواصل معها قليلا، وبأسلوب جاف؛ لأنها لم تدافع عني، ودافعت عن تلك العائلة. هم يحاولون إرجاع العلاقة، لكن أنا غير قادرة على تحملهم؛ لأنهم باعوني لأجل مصلحتهم، ومستمرون بذكر أولئك الناس بكل خير، وأمامي. ولا يعتذرون من قلوبهم، فقط لأجل أن أصمت. وتعبت نفسيتي جدا، ولا أريد قربهم، ولما أتذكرهم تضيق الدنيا علي، وأتمنى أن لو كانوا غير موجودين. وحتى أخاف أن آتي بأطفال، حتى لا يتعبوا، ويعانوا مثل ما تعبت، وعانيت. السؤال: هل الله يحاسبني، إذا لم أتواصل مع أهلي الذين باعوا شرفهم؛ لأجل مصلحتهم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال ما ذكرت من أن أهلك قد علموا بتحرش هذا الرجل بك، ولم يكن منهم دفع لأذاه عنك، فإنهم مسيئون بذلك. ولكن هذا لا يسوغ قطيعتهم، ولا سيما الأبوان، فقطيعتهما أشد نكرا، وأعظم إثما؛ لعظيم حقهما، فقد قرن الله -عز وجل- حقهما بحقه، فقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23}، وقد عقد البخاري في كتابه الأدب المفرد، بابًا أسماه: باب بر والديه، وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس ـرضي الله عنهماـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنةـ، وإن كان واحدًا، فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه، حتى يرضى عنه، قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه.

وهذا يدل على عظيم فضل بر الوالدين، وأنه قربة من أعظم القربات.

فالواجب عليك صلتهما، وصلة إخوتك بما يعتبر صلة عرفا، ويجب ترك القطيعة والهجر، والمعتبر في الصلة والقطيعة هو العرف، كما هو مبين في الفتوى: 222433.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني