الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سب أباه فأبى أن يصالحه إلا على مبلغ مالي

السؤال

سؤال بخصوص عقوبة سب وشتم الوالدين،
أفيدكم بأنه يوجد لي مستحقات مالية على أخوتى وكنت أتمنى من والدي أن يقف مع الحق ويكون عادلا بين أولاده وبدلا من ذلك أخذ يحرض إخوتى على عدم إعطائى حقوقي ونتيجة لذلك حصل بينى وبين والدى نقاش حاد فقدت فيه أعصابي فشتمت والدى وكنت قاسيا معه فى الكلام ، وبعدها بساعات ندمت على ذلك وشعرت باننى أخطأت فى حق والدي وأعترف وأقر بذلك وحاولت ان أصلح والدي وأرسلت له اصدقاء لإصلاح الموقف ولكن والدي وافق على صلح مشروط وهو أن أقوم بدفع مبلغ وقدره عشرون الف دينار أردنى مقابل اعتدائى اللفظى عليه كعقوبة لى ثم بعد ذلك يتم الصلح . سؤالى فضيلة الشيخ هل يوجد فى الشريعة الإسلامية غرامة مالية كعقوبة مقابل الاعتداء اللفظى على الأب وإذا وجد ذلك ماهو مقدار هذه الغرامة المالية وما هو السند في القران الكريم والسنة المطهرة ؟إننى فى انتظار الجواب منكم بما يرضى الله عزوجل

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أمر الله تعالى بالإحسان إلى الأبوين وصحبتهما بالمعروف حيث قال تعالى: [وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً] (الأحقاف: 15). وقال تعالى: [وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً] (لقمان: 15).

وفي الحديث المتفق عليه أن عبد الله بن مسعود سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها قال: قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قال: قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. ثم لتعلم أنك وقعت في معصية شنيعة من أكبر الكبائر، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل يا رسول الله: وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه. فهذا في حق من كان سببا في سب والديه أو أحدهما فكيف بمن باشر سبهما والعياذ بالله تعالى.

فالواجب عليك أن تبادر إلى التوبة الصادقة وتكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة وابذ ل جهدك في استرضاء أبيك، ولا يجب عليك إعطاؤه المبلغ المذكور، بل عليك البحث عن من يثق فيه الأب من صديق خاص له أو إمام مسجد ونحوهما حتى يتم إقناعه بالتنازل عن شرطه المذكور، وإن رضيت أنت بإعطاء مبلغ له تطوعا منك وسعيا في مرضاته فهوعمل طيب تثاب عليه إن شاء الله، ثم عليك بالتعامل مع إخوتك حفاظا على بقاء المودة بينكم ولا ينبغي أن يكون المال سببا للتنافر والعداوة بينكم، فإنه ظل زائل ولا يساوي شيئا بالمقارنة مع ما بين الإخوة من رحم وصلة .

فعليك بإنظار المعسر منهم حتى يقدر على الوفاء بالدين لقوله تعالى:[وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ٍ](البقرة: 280)

كما يستحسن في حقك أن تضع من دينك عن من لا يستطيع من الإخوة الأداء لما في ذلك من الثواب الجزيل لقوله صلى الله عليه وسلم: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. رواه مسلم.

وقوله صلى الله عليه وسلم : من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه رواه. مسلم.

وننبه على أنه من الواجب على أبيك العدل في معاملة أولاده لقوله صلى الله عليه وسلم : ( فاتقوا الله واعدلو بين أولادكم ) متفق عليه.

وعليه فالغرامة المالية المذكورة لا تجب عليك، بل إن طابت نفسك بإعطاء أبيك بعض مالك تطييبا لخاطره فهذا عمل طيب تثاب عليه إن شاء الله تعالى.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني