الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم يتزوج النبي جويرية وصفية إلا بعد استبرائهما

السؤال

أسأل عن أم المؤمنيـن جويرية بنت الحارث ، كيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها ودخل بها من دون أن تقضي عدتها . علماً بأن الأمر قد تكرر مع أم المؤمنين صفية بنت حيي والتي توفي زوجها في فتح خيبر وتزوجها المصطفى عليه السلام أيضا من دون عدة.
جزاكم الله خيرا .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن أمنا جورية بنت الحارث بن أبي ضرار الخزاعية كان من خبرها ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن شماس أو لابن عم له وكاتبته على نفسها، وكانت امرأة حلوة ملاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها، قالت فوالله ما هو إلا أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها وعرفت أنه سيرى منها ما رأيت، فدخلت عليه فقالت: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له فكاتبته على نفسي فجئتك أستعينك على كتابتي، قال: فهل لك في خير من ذلك؟ قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: أقضي كتابتك وأتزوجك. قالت: نعم يا رسول الله، قال: قد فعلت، قالت: وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية بنت الحارث، فقال الناس: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا ما بأيديهم، قالت: فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها. انتهى.

ولم يذكر في قصتها إن كانت استبرئت أم لم تستبرأ، لكن ذلك لا يدل على أنه تزوجها ولم تنقض عدتها، بل إن مثلها يستبرأ بحيضة، ولا بد أن تكون قد حاضت في هذه المدة التي كانت عند ثابت بن قيس، ولا يسوغ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج بها ودخل بها من قبل أن يستبرئها بحيضة على الأقل، كيف يمكن ذلك وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة. قاله في السبايا. أخرجه أبو داود. وجاء في البخاري أنه صلى الله عليه وسلم دخل بصفية بنت حيي بن أخطب لما حلَّت أي طهرت من حيضها، فعن أنس بن مالك قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فلما فتح الله عليه الحصن ذكر له جمال صفية بنت حيي بن أخطب وقد قتل زوجها وكانت عروسا، فاصطفاها لنفسه فخرج بها حتى إذا بلغنا سد الروحاء حلت فبنى بها.. إلى آخر الحديث. وفي مسلم أنه صلى الله عليه وسلم ترك صفية عند أم سليم حتى انقضت عدتها، قال: وقد روى البيهقي بإسناد فيه لين أنه صلى الله عليه وسلم استبرأ صفية بحيضة. والحاصل أنه صلى الله عليه وسلم لم يتزوج جويرية ولا صفية رضي الله عنهما إلا بعد استبرائهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني