الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يُرجى للتائب من أكل الحرام الذي لم يتيسر له الحلال بعدُ؛ ألا يكون ممن لا يستجاب دعاؤه

السؤال

عمري: 29 سنة، أعيش مع والدي في مكان معروف بزراعة المخدرات، ووالدي يقوم بزراعتها، ورغم محاولات الهروب من هذا الواقع المؤلم، إلا أنني لم أوفق للرزق الحلال، رغم الدراسة والبحث عن العمل في مختلف المجالات، ودائما ما كان الأمر ينتهي دون نجاح، وبسبب الفقر لم أكمل دراستي، ووالدي لديه سوابق، فلم أقبل في الوظائف الحكومية، وأينما توجهت أجد معوقات.
ولكنني في الجانب الآخر -والحمد لله- عندي بعض الالتزام، فكان ذلك يهون علي الأمر، ولم أكن أهتم وأعيش بسعادة.
قبل 4 سنوات في أحد الأيام وأنا أقرأ كتبا دينية -وربما كتاب التوحيد- وجدت فيه أن من يأكل الحرام لا يستجاب له، ولا يقبل منه، ومنذ ذلك الحين وأنا في ضيق، وحزن، واكتئاب، وأفكر بأنني شقي، ومطرود... ورغم ذلك لم أستسلم، وظللت أحاول بطريقة شرعية، لكن التجارة فشلت، وحاولت الفلاحة فيبست، وجربت اليوتيوب، ورغم أنني أحاول بطريقة شرعية، وأريد الكسب الحلال لم أنجح، فتنهال علي الكثير من الأفكار التي لا أستطيع دفعها مثل لو أن الله علم في خيرا لأعطاني خيرا، وأنظر إلى أقراني، وأرى أنهم أفضل مني في الآخرة، وأن الله أعطاهم، لأن الله يعلم منهم خيرا، وأنني من أهل النار، وأنني شقي، ولو كنت سعيدا لكان الله رزقني الحلال، وأن هناك أشياء لا يمكن إصلاحه في، وأن نفسي سيئة، والحق يقال إنها أمارة بالسوء، وأن ما أنا فيه عقاب من الله، رغم أن اجتهادي في الدين الذي كان يهون علي قد قل، وما عدت أحافظ على الفرائض إلا بشق الأنفس، ولو حاولت الاجتهاد تهجم علي تلك الهواجس، وأنا أعرف أنه لا ملجأ من الله إلا إليه، ولكن بسبب عدم القبول، وعدم استجابة الدعاء، وأتذكر حديث: كل ميسر لما خلق له؛ فينتابني اليأس.
فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دمت تائبا إلى الله، وحريصا على أكل الحلال، واجتناب الحرام، وقد بذلت ما تقدر عليه في سبيل ذلك؛ فلا حرج عليك -إن شاء الله- ولا تكون ممن لا يستجاب دعاؤه، أو ممن لا تقبل أعماله.

وراجع الفتويين: 187675 375634

فاستعن بالله، ولا تعجز، واثبت على توبتك، وداوم على بذل الأسباب للكسب الحلال، ولا تيأس، واحذر من تخذيل الشيطان، ووساوسه.

واعلم أنّ الدنيا دار ابتلاء، وأنّ نزول المصائب والبلايا على العبد ليس دليلا على عدم رضا الله عنه، أو هوانه عليه، بل قد يكون البلاء دليلا على محبة الله للعبد؛ ففي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم:.. وإنّ الله إذا أحب عبدا ابتلاه..

واعلم أن خوفك من الحرام، وحرصك على الحلال، وطلبك لرضا الله؛ كل ذلك من علامات التوفيق ومن أعظم عطاء الله للعبد، فأبشر خيرا، وتوكل على الله تعالى، وأحسن الظنّ به، وأكثر من ذكره ودعائه، فهو لا يخيب من رجاه، ولا يضيع من توكل عليه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2ـ3}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني