الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بيع البضائع المغشوشة

السؤال

لدي سؤال يحيرني فيما يخص التجارة، وأنا محتار فيه، لأنه مهم جداً بالنسبة لي.
اقترضت مالاً، وشرعت في مشروع، حيث أقوم بتخليط بعض مواد التنظيف، تحمل اسم ماركة مسجلة باسمي، وأنا الوحيد الذي أملك حق استغلال هذا الاسم.
المهم حصلت مشاكل في البداية، وذلك لعدم درايتي بهذه الحرفة، فقمت باستشارة بعض الناس الذين لهم دراية، فأرشدوني، لكن حصل ما لم يكن في الحسبان، فالسلعة المعبأة قمت بتوزيعها، لكنها لم تكن طبقًا للمواصفات الموجودة علي الملصقة التي تحمل 6 درجات، بل أقل، ومنها ما فاقت 6 درجات، وهذا المنتوج هو لتصبين الملابس وغيرها، ويمكنه أن يؤتي مفعوله مهما كان ولو بشكل متوسط، لأنه ليس رديئاً، بل هو عال الجودة حين فاق 6 درجات، وهنا بعض المنظفات والتي هي معطرات في نفس الوقت فقدت بعضاً من جودتها، أو جلها مع مرور الوقت، وهذا شيء عادي ومألوف حتى حين يكون المنتج جيداً، مع العلم بأني لم أقم باكتشاف هذا الخطأ إلا في بعض المحلات المعروفة لدي، وقمت باستبدالها، فعممت على الباقين، وتركت المواد الأخرى حتى لا تكون هناك شكاية من أحد المستهلكين، بل هناك من الباعة من قال لي بعد أن حكيت له الأمر بأنها لا بأس بها، وهناك من استبدلت له المنتج المنظف والمعطر، واستسمحته، مع أن نيتي كانت أن أترك الحكم للمستهلك، لأنني لا يمكنني أن أسيء إلى منتوجي.
الربح الذي استخلصته من هذا المنتج، قمت بصرفه على السيارة وغيرها من مسائل العمل، مع العلم بأني لست إلا في بداية المشروع، ولا تزال علي ديون لوازم المشروع، قمت بأدائها فيما بعد.
وإلى الآن لم أسترد رأس مالي، فقط أقوم بإعالة نفسي، وأشعر بأن هناك شيئاً من الحرام قد شاب مالي، وأنا في العام الثاني من المشروع، وقد حصلت على مساعدات مالية أخرى، لأن أغلب رأس مالي في المصارف وغيرها، وأنا حالياً أشتري السلع سلفاً من إحدى الشركات، وذلك منذ بداية المشروع تقريباً، يعني أن مالي مال الغير، كذلك خلالها عرف منتوجي إقبالاً لأنه متقن وذو سمعة طيبة في السوق.
أفتوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الله عز وجل حرم الخديعة والغش، وأوجب النصيحة في الدين عامة وفي المعاملات خاصة، روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء (المطر) يا رسول الله، قال: ألا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني. فدل الحديث على تحريم الغش وكتمان العيوب في البيوع.

وإذا تقرر هذا فينبغي أن نعرّفَ الغش ونحد له حدا.

جاء في شرح حدود بن عرفة في حد الغش ما يلي: أن يوهم وجود مفقود في المبيع أو يكتم فقد موجود مقصود فقده منه لا تنقص قيمته لهما.

قال في الشرح: قوله: وجود مفقود معناه إيهام البائع أن المبيع به صفة مقصودة للمشتري يرغب فيها أخرج به ما إذا أوهم مفقودا غير مقصود فإنه لا أثر له. اهـ.

وعليه، فإذا كان الأخ البائع باع سلعة مفقوداً منها صفة مقصودة للمشتري، موهماً المشتري بوجود هذه الصفة في السلعة، فإن هذا غش، وحكمه رد السلعة إن لم تفت، فإن فاتت، فعليه رد الفارق بين المغشوش والسليم، وبقية القيمة حلال عليه.

مثاله: من باع شيئاً معيباً مغشوشاً بعشرة ريالات، وقيمته لو كان سالماً عشرة، وبالعيب قيمته ثمانية، فعليه أن يرد إلى المشتري ريالين إن عرف المشتري وأمكن رد الريالين إليه، فإن تعذر تصدق به عنه، وهذا إذا لم يعلم المشتري قدر الغش، فإن علمه ورضي فلا شيء على البائع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني