الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ما حصل من الربح في التجارة في الميراث

السؤال

أب توفي وترك عقاراً وأرضا وماشية، له بنت وثلاثة أبناء وأوصى بالثلث لابني أخته، قام الابن الأكبر وابن الأخت المتوفاة باستثمار التركة في تجارة فنمت وتضاعفت، وبعد مدة 20 سنة قرروا القسمة فقسموا ناتج الاستثمار بين الذكور وقيل للبنت إن لها حقا في المنزل الذي تركه أبوها فقط وليس لها في ناتج الاستثمار حق، ما هي القسمة الشرعية؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا انحصر الورثة والموصى لهم فيمن ذكروا فإن القسمة الشرعية للتركة هي أن يكون للموصَى لهم الثلث كما حدده الموصي، وباقي المال يوزع سبعة أجزاء للبنت منه سهم ولكل ولد سهمان، قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11].

فهذا هو التقسيم الأصلي، وأما ما حصل من الربح فإنه ينظر فيه من جهتين، الأولى: أن يكون الأكبر وابن الأخت قد استثمرا هذا المال دون إذن من بقية الورثة، ولو إذنا عرفيا، وفي هذه الحالة يكونان في حكم الغاصب لهذا المال طيلة المدة المذكورة، والغاصب ضامن للمال المغصوب، وأما الربح الحاصل منه فقد رجح أهل العلم أنه له كله، قال الخرشي بعد ذكر الخلاف في المسألة: والحاصل أن الراجح أن الربح للغاصب مطلقا.....

والحالة الثانية: أن يكون الورثة قد أذنوا في التجر في المال ولو كان إذنا عرفيا بدون تصريح وهذا هو الظاهر في هذه المسألة، وعليه؛ فيكون الربح والخسارة تابعين للمال، ولا يضمن المتجران حينئذ شيئاً، ويأخذان نسبة عملهما من الربح إن كان ثم نسبة محددة أو متعارف عليها، وإلا فأجرة مثلهما، وراجع في هذا الفتوى رقم: 35486.

وبناء عليه؛ فإذا كان المال مغصوبا كما بينا في الحالة الأولى فإن للبنت الحق في سبع ما تركه أبوها بعد إخراج الثلث للوصية بالغا ما بلغ، وإن كان متجرا فيه بإذن -وهذا هو الظاهر كما أسلفنا- فإن لها نصف سهم الواحد من الأبناء، ولا يجوز نقص حصتها بغير إذنها في أيٍ من الحالتين.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني