الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نسبة الجود بالصلاح إلى الزمان من الشرك اللفظي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله
لدي سؤال يتعلق بإحدى الأناشيد المنشورة في ركن الأناشيد في هذا الموقع المبارك وعنوان الأنشودة (لا تقل فات الأوان) وقد ورد فيها أننا إن أردنا جاد الزمان؟ وقد استشكلت علي هذه العبارة لأن فيها ربطا للقدر المستقبل بإرادة المخلوق ثم جعل الزمان هو صاحب الجود بينما الضار والنافع والمقدر هو العزيز المتصرف سبحانه وتعالى
وأحب أن أؤكد لكم حسن ظني بالإخوة جميعا المؤلف والمنشد والموقع وإذا رأيتم أن في الأنشودة ما يخدش المعتقد الصحيح فليتكم تتفضلون بنصيحة الإخوة في الموقع لحذف هذه الأنشودة وجزى الله الجميع كل خير

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي يظهر أن مقصود ناظم النشيد بقوله: (إن أردنا) أي إن أردنا الإصلاح والتغيير لوضعنا من سيء إلى حسن فإن مرجع ذلك إلينا، وفي إمكاننا تدارك ذلك وهو أن نصلح أنفسنا وهذا لا بأس به لقول الله جل وعلا: [إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ] (الرعد: 11).

وأماعن نسبة الجود بحصول ذلك الصلاح إلى الزمان فإنما يقال ذلك لكونه ظرفا له، كقول المنشد (لو أردنا جاد الزمان) وليس المراد أن الزمان هو الفاعل حقيقة، ومع هذا، فإنه لا ينبغي استعمال ذلك اللفظ، لأن المنعم بذلك حقيقة هو الله، وعليه، فنسبة ذلك للزمان يعتبر من الشرك اللفظي الخفي، لأن فيه نسبة الفضل والنعمة إلى غير المنعم بها حقيقة وهو الله، وإن كان المتكلم بذلك لا يقصد أن الزمان هو الذي يجود بها من دون الله وأمره وإنما أراد أنه محل لها وإنما نهى عن ذلك لكونه لا ينبغي له أن تضاف النعم إلا إلى الله وحده، لأن غاية الأمر في ذلك أن يكون من أضيفت إليه النعمة محلا لها أو سببا في حصولها، ولو شاء الرب تبارك وتعالى لسلبه سببيته فلم يكن سببا أصلا ولا محلا لها، فلذلك لا يليق بالمنعم عليه المطلوب منه الشكر أن ينسى من بيده الخير كله وهو على كل شيء قدير، ويضيف النعم إلى غيره، بل يذكرها مضافة منسوبة إلى مولاها والمنعم بها حقيقة هو الله كما قال تعالى:[ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ] (النحل: 53). فهو المنعم بجميع النعم في الدنيا والآخرة وحده لا شريك له، ونسبتها إليه من شكرها وضده من إنكارها،ولا ينافي ذلك الدعاء والإحسان إلى من كان سببا في حصول النعمة إلى المنعم عليه، وقد قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى: [فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا] (البقرة: 22) الأنداد هو الشرك، أخفى من دبيب النمل على صفاة أي حجرة سوداء في ظلمة الليل، وهو أن تقول والله وحياتك يا فلانة وحياتي وتقول: لو لا كلبة هذا لأتانا اللصوص، ولو لا البط في الدار لأتى اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لو لا الله وفلان لا تجعل فيها فلان هذا كله به شرك. رواه ابن أبي حاتم.. وسنده جيد. ومعنى قوله هو الشرك أخفى من دبيب النمل إلى آخره، أي أن هذه الأمور من ا لشرك خفية في الناس لا يكاد يتفطن لها ولا يعرفها إلا القليل،وضرب المثل لخفائها بما هو أخفى شيء وهو أثر النمل، فإنه خفي فكفيف إذا كان على صفاة فكيف إذا كانت سوداء؟! فكيف إذا كانت في ظلمة الليل؟!، وهذا يدل على شدة خفائه على من يدعي الإسلام وعسر التخلص منه، ولهذا جاء في حديث أبي موسى قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: أيها الناس: اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل، فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟! قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه. رواه أحمد والطبراني. وروى ابن أبي الدنيا في الصمت وآداب اللسان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن أحدكم ليشرك حتى يشرك بكلبه، يقول: لولاه لسرقنا الليلة.

وعليه، فينبغي الابتعاد عن مثل هذه النسبة ونشكر الأخ الكريم على هذا التنبيه وحسن الظن، ونسأل الله عز وجل أن نكون عند حسن ظنه وظن الجميع، وقد نبهنا الإخوة في قسم التسجيلات إلى حذف هذه الأنشودة وما وجد من أمثالها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني