الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في فسخ عقد الإجارة

السؤال

استأجرت شقة لمدة 15 عاما وبعد 5 أعوام ورثت شقة أخرى وباقي لي من مقدم الإيجار 10 آلاف جنيه، هل يجوز الفسخ وأخذ باقي المال أو إحضار ساكن آخر وأخذ المال منه عن طريق صاحب الملك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فسؤالك قد اشتمل على مسألتين:

المسألة الأولى: هي فسخ عقد الإجارة الذي بينك وبين المالك ولذلك حالتان:

الحالة الأولى: ألا يقبل المالك بذلك، فيلزمك حينئذ الوفاء بالعقد؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ [المائدة:1]، والإجارة عقد لازم كما هو معلوم؛ لكن ينبغي على المالك أن يقبل الإقالة، فقد روى أبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أقال مسلما أقال الله عثرته.

الحالة الثانية: أن يقبل المالك بالفسخ، فلا حرج في ذلك، ويرد لك مقابل ما بقي من مدة الإجارة، وتكون المعاملة حينئذ من باب الإقالة وهي: رفع العقد وإلغاء حكمه وآثاره بتراضي الطرفين، قال صاحب عون المعبود: باب في فضل الإقالة: هي في الشرع رفع العقد الواقع بين المتعاقدين، وهي مشروعة إجماعاً... ومن أقال مسلماً -أي بيعه- أقاله الله عثرته- أي غفر زلته وخطيئته. انتهى.

وقال صاحب إنجاح الحاجة: صورة إقالة البيع إذا اشترى أحد شيئاً من رجل ثم ندم على اشترائه، إما لظهور الغبن فيه أو لزوال حاجته إليه أو لانعدام الثمن فرد المبيع على البائع وقبل البائع رده أزال الله مشقته وعثرته يوم القيامة، لأنه إحسان منه على المشتري لأن البيع قد بت فلا يستطيع المشتري فسخه. انتهى.

لكن إذا كانت الإقالة بأكثر من الثمن أو أقل فهل تجوز حينئذ؟ الجواب: أن ذلك راجع إلى تكييف الإقالة.. فمن قال هي فسخ للعقد السابق لم يجز ذلك وهو مذهب الجمهور، ومن قال إنها عقد جديد أجاز ذلك وهو مذهب أبي يوسف ومحمد بن الحسن، وهو رواية عن أحمد ومذهب المالكية في المشهور من مذهبهم في غير الطعام.

المسألة الثانية: تأجيرك الشقة لشخص آخر، وتسمى بمسألة تأجير العين المستأجرة، حيث إن للمستأجر -بملكه للمنفعة- أن يؤجر لغيره، في مذهب الجمهور وهو مذهب الشافعية والحنابلة، وأصحاب الرأي.

بل قال ابن قدامة: ولا نعلم فيه خلافاً، وإنما كان كذلك لأن له استيفاء المعقود عليه بنفسه ونائبه.

وقال ابن رجب الحنبلي في قواعده: إجارة المستأجر جائزة على المذهب الصحيح بمثل الأجرة وأكثر وأقل. انتهى.

وقال صاحب كشاف القناع: لأن المنفعة لما كانت مملوكة له، جاز أن يستوفيها بنفسه ونائبه. انتهى.

وعليه؛ فلا حرج عليك في تأجير هذه الشقة لمن تشاء خلال مدة الإجارة سواء أخذت الأجرة من المستأجر مباشرة أو عبر مالك الشقة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني