الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاعتراض على هبة الأب لأولاده بين الجواز وعدمه

السؤال

لي ثلاثة أسئلة تحيرني منذ سنة تقريباً ولم أجد لها جواباً، ولكن الحمد لله نصحني أحد الأصدقاء أن أكتب لكم لعلي أجد جواباً لمشكلتي، السؤال الأول: أنتمي إلى أسرة متكونة من أب وأربعة أخوات بنات غير متزوجات مع العلم أن الوالدة متوفية (رحمها الله) يملك أبي رقعة أرض مساحتها 1500 متر مربع فيها منزلان قيمتها100 ألف دولار أمريكي تقريباً، ممتدان على مساحة 600 متر مربع، وتقطن أخواتي مع أبي في المنزلين المذكورين، علما بأني مهاجر بفرنسا للقيام بأطروحة دكتوراه ولا أزور بلدي إلا في بضعة أيام خلال فصل الصيف، فكر أبي في تقسيم هذه الأرض علينا جميعاً قبل وفاته لخوفه من حدوث بعض مشاكل الميراث التقليدية، فأعطى 800 متر مربع بما فيها المنزلان لأخواتي وأعطاني 700 متر مربع، أرض بور، حتى أبني فيها منزلي، ولكن أزواج أخواتي انتقدوا أبي انتقاداً شديداً مدعين أنه لم يكن عادلاً ولم يحسن القسمة، فهل لهم الحق في ذلك، وهل تصبح قطعة الأرض حراماً علي؟ السؤال الثاني: أراد أبي أن يبدأ في بناء بيتي من مال مرتب تقاعده ومن مال تجارته، فعارضه أزواج أخواتي مدعين أنه ليس من باب العدل أن يبني لي ولا يبني لزوجاتهم، فهل يصبح بيتي مبنياً من مال حرام؟ السؤال الثالث: بتوفيق من الله عينتني وزارة البحث الفرنسية كباحث مدرس بمرتب محترم جداً ولله الفضل في ذلك، فقام زوج إحدى أخواتي بالضغط علي مستعملاً حبي الكبير لزوجته حتى أقبل بأن يأتي ابنه 18 عاماً ليواصل تعليمه هنا على كفالتي (إقامة، أكل...) فوجدت في ذلك حرجاً كبيراً لأني لا أستطيع تحمل هذه المسؤولية المالية لبضع سنوات، فاعتذرت لهم ولكنهم اتهموني بالبخل، فهل في رفضي عدم المعروف للأقارب كما يزعمون؟ شكراً لكم، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان الوالد قد قسم هذه الأرض عليكم على سبيل الميراث فلا يصح هذا التقسيم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 14893.

أما إن كان قد قسمها على سبيل الهبة فهذا التقسيم صحيح بشرط أن يكون قد عدل في هذه القسمة، بحيث تكون قيمة ما أعطاك مساوية لقيمة ما أعطى لكل أخت من أخواتك، وهذا على الراجح من أقوال أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. رواه سعيد بن منصور، وحسن الحافظ ابن حجر إسناده، وراجع الفتوى رقم: 33348.

وعليه؛ فإذا كان قد عدل في هبته فهي نافذة ولا حق لأحد في الاعتراض عليها، وإذا كان لم يعدل أمر بأن يرد ما فضل به البعض أو أن يتم نصيب الآخر، فإن لم يفعل لم تصح هذه الهبة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 28274، ولا يجوز لك البناء على هذه الأرض -في هذه الحالة- لأنك بهذا تبني على ما لا تملكه ملكاً شرعاً.

ولا يجوز لأبيك أن يخصك بشيء من المال إلا أن يعطي نظيره لكل واحدة من أخواتك، سواء كان هذا المال ليبني لك بيتاً أو غير ذلك، ولا يجوز لك أن تتملك شيئاً فضلت به كما تقدم، ولا يلزمك أن تتحمل مصاريف دراسة ولد أختك، لأنك لست مكلفاً بالإنفاق عليه وليس في ذلك بخل أو إساءة للأقارب.

والذي ننصح به أن تحاول أن تصل مع أبيك وأخواتك -في هذه الأمور التي ذكرت- إلى شيء يرضي الجميع ولا يخالف الشرع، ونسأل الله أن ييسر أمركم وأن يصلح ذات بينكم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني