الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات ابنه قبل أن يكمل مناسك الحج فماذا يصنع؟

السؤال

حج ابني الصغير وبعد تحلله التحلل الأصغر دهسته سيارة فمات رحمه الله تعالى وبقي عليه طواف الإفاضة والسعي، هل نقضي ذلك عنه أم لا قضاء في ذلك استنادا إلى حديث الرجل الذي وقصته دابته فدفن محرما من غير أن يقضي عنه أحد بقية نسكه ، وإذا كان ينبغي الطواف والسعي عنه فهل يصلح أن يقوم بذلك أخوه المميز أم لابد أن يقوم بالقضاء عنه رجل بالغ علما بأني أنا الذي آمر ابني بالقضاء عن أخيه.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

ففي البداية نسأل الله تعالى لكم الأجر والثواب على تلك المصيبة

ثم نقول : إذا كان ابنك مات بعد البلوغ وقد وجب عليه الحج فإنه يجب أن يخرج عنه من ماله ما يكمل به

ما بقي عليه من حج إضافة إلى العمرة إذا كان لم يؤدها.

قال ابن قدامة في المغني: متى توفي من وجب عليه الحج ولم يحج وجب أن يخرج عنه من جميع ماله ما يحج به عنه ويعتمر سواء فاته بتفريط أو بغيره،

وبهذا قال الحسن وطاوس والشافعي، وقال أبو حنيفة ومالك: يسقط بالموت فإن وصى بها فمن الثلث وبهذا قال الشعبي والنخعي: لأنه عبادة بدنية فتسقط بالموت كالصلاة.

ولنا ماروي ابن عباس: أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيها مات ولم يحج، قال: حجي عن أبيك.

وعنه: أن امرأة نذرت أن تحج فماتت فأتى أخوها النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك، فقال: أرأيت لو كان على أختك دين أما كنت قاضيه، قال: نعم، قال: فاقضوا دين الله فهو أحق بالقضاء. رواهما النسائي. انتهى

وما دام الابن المذكور قد أدى بعض مناسك الحج فيكفي أن يكمل عنه مابقي

قال ابن قدامة أيضا:

فإن خرج للحج فمات في الطريق حج عنه من حيث مات لأنه أسقط بعض ما وجب عليه فلم يجب،

ثانيا: وكذلك إن مات نائبه استنيب من حيث مات لذلك. انتهى

فإذا وجد من يتطوع بأداء بقية المناسك عنه سواء كنت أنت أو غيرك أجزأ عنه ذلك بشرط أن يكون النائب بالغا عاقلا قد أدى فريضة الحج عن نفسه قبل ذلك

بدليل مافي سنن أبي داود وابن ماجه وغيرهما من حديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة، قال من شبرمة، قال: أخ لي أو قريب لي، قال: حججت عن نفسك، قال: لا قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة.

وإذا كان الابن المذكور مات قبل البلوغ فلا يجب تكميل الحج عنه لعدم وجوبه عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق. رواه النسائي وغيره من بقية أصحاب السنن.

وبالتالي فلا مانع من أن تنوب عنه في بقية المناسك تطوعا منك أو ينوب عنه غيرك

وإذا كان أخوه مميزا فإنه يصح إحرامه بالحج بإذن وليه،

ففي المهذب في الفقه الشافعي:

فإن كان مميزا فأحرم بإذن الولي صح إحرامه

ومادام يصح منه الإحرام فلا مانع من أن ينوب عن صبي مثله فعبادة كل منهما نافلة ليست واجبة.

وفي المدونة:

قلت أرأيت الصبي إذا لم يكن له أب وأذن له الولي أن يحج عن الميت أيجوز له إذنه

قال: لا أرى بذلك بأسا إلا أن يخاف عليه في ذلك ضيعة أو مشقة من السفر فلا أرى أن يجوز ذلك ولم أسمع من مالك في ذلك شيئا.

وفي المدونة أيضا:

قال ابن القاسم: وهذا الذي أوصى أن يحج عنه هذا الصبي علمنا أنه إنما أراد التطوع ولم يرد الفريضة. انتهى

وعليه فإذا كان الابن المذكور مات بعد بلوغه وبعد وجوب الحج عليه فإن وجد من يتطوع بإكمال الحج عنه صح ذلك بشرط أن يكون النائب عاقلا بالغا قد أدى فريضة الحج عن نفسه، وإن لم يوجد وجب أن يخرج عنه من ماله أجرة من يكمل عنه الحج، وإن كان الابن مات قبل بلوغه فلا يجب تكميل الحج عنه لعدم وجوبه عليه وتصح النيابة عنه ولو من طرف أخيه المميز إذا أذن له وليه في ذلك،

وللتعرف على طريقة حج الصبي راجع الفتوى رقم: 28354.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني