الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قال لزوجته لو رجعت ولم أجدك في البيت "حتبقي طالق"

السؤال

لقد ذكر زوجي الطلاق عدة مرات وأود أن أعرف هل يعيش بطريقة شرعية أم لا، أولا أنا كنت سأسافر لزيارة أهلي بالطائرة وحصلت مشادات بيننا قبل أن أسافر بخمس ساعات، فقال لي: لن تسافري ففعلت له إذا رجعت من الشغل فلن تجدني فقال: لو رجعت ولم أجدك " حتبقي طالق" ثم بعد ذلك هدأ وأذن لي في السفر وأخذني للمطار وذهب للشغل ورجع للبيت وأنا لم أكن فيه فهل "حتبقي طالق" تعتبر لفظ طلاق.
ثم عدت بعد شهروعشنا كالأزواج،بعد ذلك بسنين حصلت مشاكل كثيرة وقال لي كلمي وانظري ماذا يحبون فقلت له على الهاتف لا سأكلم أهلك أنت وسأقول لهم قثار جدا وقال: أنت كلمتهم قلت لا وكان غضبان فقال لي لو كنت كلمتهم تكونين محرمة علي وتكونين طالقا مع العلم أني لم أكلمهم ولما عاد إلى البيت وذكرت له ذلك قال إنه لا يتذكر أبدا وأنه كان في حالة غضب شديدة فهل يقع هذا الطلاق وهل أطلق إذا كلمت أهله وهو موجود.
وكذلك يقول إنه إذا كان في حالة غضب مني أو من أهلي يقول في دماغه إنه طلق ولكنه لا يتذكر هل قال ذلك بصوت مسموع أو هو مجرد وسوسة وعند ما أسأله هل له نية يقول إنه لا يتذكر ما هي نيته، فهل نحن نعيش بطريق شرعي وكم يحسب من هذا الطلاق.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان قصد زوجك بقوله "حتبقي طالق أو محرمة" مجرد الوعد بالطلاق فهذا لا يلزم منه شيء، وانظري الفتوى رقم: 2349.

وإن قصد به الطلاق فهو طلاق معلق، وحكمه أنه يقع عند حصول المعلق عليه عند جمهور العلماء، كما بينا في الفتوى رقم: 5677، وعند شيخ الإسلام ابن تيمية لا يقع إلا إذا قصد به إيقاع الطلاق حقيقة، أما مجرد التهديد به أو التخويف أو نحو ذلك فلا يلزم منه إلا ما يلزم من اليمين، وهو الكفارة،وعلى كل، فإنه في حال لزوم الطلاق فلا فرق بين أن يكون ذلك وقع من غضب أو غيره إلا إذا كان الغضب شديدا بحيث لا يعي الإنسان ما يقول، لما روى أحمد وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. والإغلاق معناه انغلاق الذهن عن النظر والتفكير بسبب الغضب، ولكن الطلاق المعلق في مثل هذه المسألة لا يقع ولو على قول الجمهور إلا إذا كان الزوج المعلق أطلق في نيته أي قصد أنه متى ما جاء ولم يجد زوجته بأن سافرت مثلا فهي طالق، أما لو قصد أنها تطلق فقط لو سافرت بدون إذنه أو كان سبب التعليق أصلا هو تهديدها إياه بالسفر ولو لم يرض هو أو لم يأذن به ثم سمح لها بالسفر ، فإنه لا يلزمه الطلاق إذا رضي أو أذن لها بالسفر.

وأما بخصوص الشك في حصول الطلاق وعدمه فالجواب فيه أنه لغو.

قال المرداوي في الإنصاف: فوائد: إحداها قوله: إذا شك هل طلق أم لا لم تطلق بلا نزاع. اهـ وقال صاحب التاج والإكليل: وسمع عيسى أيضا في رجل توسوسه نفسه فيقول قد طلقت امرأتي أو بتكلم بالطلاق وهو لا يريده أو يشككه فقال يضرب عن ذلك، ويقول للخبيث صدقت ولا شيء عليه. اهـ

وعلى هذا، فإن كان ما ذكرت عن زوجك هو مجرد شك فلا شيء عليه، وأما إن كان نطق بالطلاق متيقنا فقد لزمه الطلاق ولا فرق في كونه قال ذلك بصوت مسموع أو خافت.

وفي الأخير نرشدكم إلى الرجوع إلى المحاكم الشرعية في بلدكم في مثل هذه الأمور.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني