الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المبادرة إلى قضاء الفوائت

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو الجواب على السؤال، وعدم تحويلي إلى إجابة أخرى للأهمية، عند توبتي قبل فترة طويلة قرأت شروط التوبة وعملت بها والحمد لله وعند قراءتي بما يتعلق بالصلاة وهل يجب أن أقضيها إذا كنت غير مصل لمدة سنوات طوال فكان الجواب أني لا يجب أن أقضي ما فات من الصلوات لأني لم أكن على الدين بقطعي الصلاة لكن بعد فترة طويلة أقرأ في كتب العلم والعلماء أجد أن الأغلبية يقولون أنه يجب علي أن أقضي صلوات السنوات الماضية، فماذا أفعل هل أقضيهم وهل قبلت توبتي، أفيدوني أفادكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة فإن كانت مؤداة على الوجه المطلوب شرعاً فاز صاحبها وأفلح، وإن ضيعها خاب وخسر، ثم إن الذي عليه جمهور أهل العلم وجوب قضاء الصلوات الفوائت سواء فاتت عمداً أو نسياناً حيث يجب على المسلم المبادرة إلى قضائها فوراً ويواصل القضاء حتى يغلب على ظنه براءة ذمته.

قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد في رواية صالح في الرجل يضيع الصلاة يعيد حتى لا يشك أنه قد جاء بما ضيع ويقتصر على قضاء الفرائض ولا يصلي بينها نوافل ولا سننها.

وقال ابن قدامة أيضاً: إذا كثرت الفوائت عليه يتشاغل بالقضاء ما لم يلحقه مشقة في بدنه أو ماله، أما في بدنه فأن يضعف أو يخاف المرض، وأما في المال فأن ينقطع عن التصرف في ماله بحيث ينقطع عن معاشه أو يستضر بذلك، وقد نص أحمد على معنى هذا. انتهى.

وقال المواق في التاج والإكليل: ابن العربي توبة من فرط في صلاته أن يقضيها ولا يجعل مع كل صلاة ولا يقطع النوافل لأجلها وإنما يشتغل بها ليلاً ونهاراً ويقدمها على فضول معاشه وأخبار دنياه ولا يقدم عليها شيئاً إلا ضرورة المعاش. انتهى.

والذي ننصحك به هو المبادرة بقضاء ما ضيعته من صلوات وتواصل القضاء حتى يغلب على ظنك براءة ذمتك، وتخصص أوقاتاً للقضاء لا تضر ببدنك أو أمور معاشك، وراجع الفتوى رقم: 12700.

ثم إذا تبت توبة صادقة بشروطها من ترك المعصية والندم على فعلها والعزم على عدم الرجوع إليها وعلم الله تعالى الصدق منك فإنه يتقبل توبتك لقول الله تعالى بعد ذكر بعض كبائر الذنوب من زنى وقتل نفس بغير حق ونحوهما: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الفرقان:70]، واعلم أن الله تعالى يقبل توبة التائبين ويفرح بها، فقد قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [الشورى:25]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه. رواه مسلم.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني