الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يؤثر على صحة المضاربة نية ضمان رأس المال

السؤال

أخذت من أختي مالا لاستثماره في تجارتي لمدة محددة على أن أعيده إليها بأرباحه عند تمام الأجل، وأنا في نيتي -دون إبلاغها- أني ضامن لهذا المال إذا خسرت التجارة، وقد شاء الله خسارة تجارتي، وأنا الآن أوفي لها مالها الذي أخذت لاستثماره بأقساط لحين سداد كامل رأس مالها المذكور، والسؤال: عن مدى شرعية ذلك علماً بأنني في نيتي تحمل هذا لأنني كنت أدير الاستثمار وفي نفس الوقت حتى لا توضع في موقف محرج مع زوجها؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالصورة المذكورة هي عقد مضاربة، وقد سبق بيانها مع بعض شروطها في الفتوى رقم: 11158، والفتوى رقم: 26778.

ويتبين من مضمون الفتويين أنه لا يجوز في المضاربة ضمان رأس المال ولا يؤثر على صحة العقد نية الضمان كما هو مذكور في السؤال، ما دام لم يذكر ذلك في العقد، ولا يجوز للأخت أن تطلب كامل ما لها عند الخسارة، بل تأخذ ما بقي من المال فقط، لكن إذا تبرعت لها بإكمال رأس مالها دون طلب منها فلا نرى مانعاً من ذلك، لأنه من المعروف الذي تثاب عليه، علماً بأن تحديد مدة المضاربة موضع خلاف بين العلماء فذهب الحنفية والحنابلة في المذهب إلى جواز تأقيت المضاربة، والراجح هو عدم جواز التأقيت وهو مذهب المالكية والشافعية ورواية عن الحنابلة، وبيان ذلك في كتبهم مبسوط.

قال الزيلعي وهو حنفي: وكذلك إن وقت للمضاربة وقتا بعينه يبطل العقد بمضيه، لأنه توكيل فيتوقت بما وقته، والتوقيت مفيد فإنه تقييد بالزمان فصار كالتقييد بالنوع والمكان. انتهى من نصب الراية.

وقال الباجي وهو مالكي: وهذا على ما قال إنه لا يجوز أن يوقت القراض بمدة معلومة لا يجوز فسخه قبلها، وإن عاد المال عينا، وإن انقضت المدة فقد كمل القراض فلا يكون للعامل ولا عليه أن يبيعه، ولا يعمل به إذا كان عرضا عند انقضاء المدة وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، وقال بعض أصحاب أبي حنيفة ذلك جائز، والدليل على ما نقوله أنه عقد جائز فلم يتوقت بمدة من الزمان كالشركة، ووجهه أن القراض عقد جائز ومعنى ذلك أن لكل واحد من المتعاقدين فسخه متى شاء، ولم يوقت بزمن لم يكن لكل واحد منهما ذلك، لأن التوقيت يمنع ذلك. انتهى من المنتقى شرح الموطأ.

وقال زكريا الأنصاري وهو شافعي: (ولو قارضه سنة لم يصح) لإخلال التأقيت بمقصود القراض فقد لا يجد راغباً في السنة أو نحوها ولمخالفته مقتضاه وقد يحتاج العامل إلى تنضيض ما بيده آخراً ليتميز رأس المال سواء اقتصر على ذلك أم زاد: على أن لا أملك الفسخ قبل انقضائها. انتهى من أسنى المطالب.

وقال المرداوي وهو حنبلي: قوله (وإن شرطا تأقيت المضاربة، فهل تفسد؟ على روايتين: وأطلقهما في الهداية، والمذهب، ومسبوك الذهب، والمستوعب، والتلخيص والمحرر. إحداهما: لا تفسد وهو الصحيح من المذهب، نصره المصنف، والشارح وصححه في الفروع، والنظم، والفائق، والتصحيح، وتصحيح المحرر، وشرح ابن رزين، وقدمه في الكافي، وقال: نص عليه. والرواية الثانية: تفسد. جزم في الوجيز والمنور، واختاره أبو حفص العكبري والقاضي في التعليق الكبير، قاله في التلخيص. انتهى من الإنصاف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني