الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وقوع التلف على حيوان.. ما يجب الضمان فيه وما لا يجب

السؤال

انتشر في الأزمنة المتأخرة اللهو بصور شتى ، وصار الناس أو كثير منهم يتنافسون فيه أشد التنافس ويبذلون لأجله الكثير من أوقاتهم ومالهم.
وسؤالي بشأن مظهر من مظاهر هذا اللهو، أقصد إقامة المسابقات بين الحيوانات لمعرفة أيها أسرع أو أيها أقوى أو أيها أجمل ...الخ ، وليس الحال قاصرا على السبق في الخف والنصل والحافر كما كان قديما ، وإنما تعداها إلى أن أقيمت المسابقات لجمال الخيل وبين الكلاب وحتى القطط بل والفئران ، والحمام ، وأصناف مختلفة من الحشرات ... الخ لمعرفة الأسرع أو الأجمل ... فهل هذا جائز شرعا ؟ وإن كان الجواب بعدم الجواز ؛ فما الحكم لو أتلف إنسان شيئا من هذه الحيوانات المعدة لمثل هذه المسابقات ، والتي يتبايعها الناس بأضعاف مضاعفة زيادة على باقي أفراد نوعها مما هو ليس معدا للسباق ... ؛ هل يضمنها المتلف ؟ وما الذي يضمنه هل قيمتها حسبما يتبايعها الناس لأجل استخدامها في اللهو ؟ أم ماذا ؟ وهل يقاس الأمر على ما قيل في ضمان الجارية المغنية ... الخ.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذكرنا حكم سباق الهجن بصورته الحالية، مع أحكام المسابقات الأخرى التي ذكرها السائل وذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 28255 و 5822 و 11845.

وننبه زيادة على ما ذكر هناك إلى أن الذين يمارسون هذه الأمور يضعون أطفالا صغارا على ظهور الإبل وهي سريعة السير، لتكون أخف عليها من الكبار، مما يؤدي إلى ضعف بنيتهم وإصابتهم بكثير من الأمراض كالعقم ونحوه، وهذا محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه.

وإذا أتلف إنسان خيلا أو إبلا ونحوها مما يجوز السباق بها ضمنها بقيمتها، لأنها لم تتخذ من أجل اللحم أو الوبر أو العمل، وإنما اتخذت للسباق، وقد يزيد ثمنها كثيرا لأجل هذا. قال المواق في التاج والإكليل: مَنْ جَنَى عَلَى بَهِيمَةٍ شَيْئًا فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا, فَإِنْ قَتَلَهَا غَرِمَ قِيمَتَهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ.انتهى.

هذا؛ إذا أتلفها مع إمكان التحرز من إتلافها، أما إذا لم يمكنه التحرز من إتلافها، كمن يقود سيارة بطريقة معتادة وبدون أي زيادة في السرعة المحددة من طرف أهل الاختصاص ـ وهم هنا رجال المرور ـ ففاجأته الدابة، وفعل أقصى ما يستطيع فعله لتفادي قتلها، ولم يتمكن من ذلك فلا ضمان عليه، لقاعدة: ما لا يمكن التحرز عنه لا ضمان فيه. وراجع الفتوى رقم: 15533.

أما إذا وقع التلف على حيوان لا يجوز المسابقة عليه كالديك للهراش، أو الغنم للجمال، ونحو ذلك، فلا تضمن إلا بقيمتها الأصلية التي تشبه فيها غيرها من جنسها، ولا يعتبر ما تميزت به من الهراش أو الجمال، لأنها منفعة غير معتبرة شرعا كالجارية المغنية التي كانت لأيتام، فأفتى فيها الإمام أحمد -رحمه الله- بأنها لا تباع على أنها مغنية، بل تباع على أنها ساذجة وإن رخص سعرها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني