الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية غسل الملابس من سؤر الكلب

السؤال

بسم الله الرجمن الرحيممن المعروف أنه إذا ولغ الكلب فى الإناء فإن الإنسان يريق ما في الإناء ثم يغسله بالتراب فما حكم هذا الماء الذى يريقه الإنسان؟ هل وهو يريقه إذا أصاب شيئا من ملابسه عليه أن يغسل هذه الملابس بالتراب أم لا؟ ثم ماذا يفعل إذا كان يغسل الإناء وأصاب جسده أو ملابسه بعضا من الماء الذى يغسل به بعد وقوعه على الإناء النجس هل عليه أن يغسل جسده وملابسه بالتراب أم ماذا يفعل؟
أرجو منكم الإجابة على هذه المسألة الدقيقة فكم تقلقني وتصيبي بالشك.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالماء الذي ولغ فيه الكلب نجس عند الحنابلة والشافعية، وما أصاب من ثوب أو بدن يجب غسله سبعاً إحداهن بالتراب، ويعتبر طاهراً عند أهل العلم كمالك والأوزاعي وداود، وبالتالي فلا يلزم غسل ما أصاب من الثوب أو البدن.

قال ابن قدامة في المغني: فالنجس نوعان: أحدهما: ما هو نجس رواية واحدة وهو الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما، فهذا نجس عينه وسؤره وجميع ما خرج منه. روي ذلك عن عروة، وهو مذهب الشافعي وأبي عبيد، وهو قول أبي حنيفة في السؤر خاصة، وقال مالك والأوزاعي وداود سؤرهما طاهر يتوضأ به ويشرب وإن ولغا في طعام لم يحرم أكله، وقال الزهري يتوضأ به إذا لم يجد غيره... إلى أن قال ابن قدامة: ولنا ما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً. متفق عليه. ولمسلم: فليرقه ثم ليغسله سبع مرات ولو كان سؤره طاهراً لم تجز إراقته ولا وجب غسله. انتهى

وما أصاب الثوب أو البدن أثناء غسل الإناء فلا يلزم غسله عند غير الحنابلة.

أما الحنابلة فلهم وجهان في هذه المسألة فصلهما ابن قدامة في المغني بقوله: وإذا غسل محل النجاسة فأصاب ماء بعض الغسلات محلاً آخر قبل تمام السبع ففيه وجهان: أحدهما: يجب غسله سبعاً وهو ظاهر كلام الخرقي واختيار ابن حامد لأنها نجاسة فلا يراعي فيها حكم المحل الذي انفصلت عنه كنجاسة الأرض ومحل الاستنجاء، وظاهر قول الخرقي أنه يجب غسلها بالتراب، وإن كان المحل الذي انفصلت عنه قد غسل بالتراب لأنها نجاسة أصابت غير الأرض فأشبهت الأولى. والثاني: يجب غسله من الأولى ستاً ومن الثانية خمساً ومن الثالثة أربعاً كذلك إلى آخره، لأنها نجاسة تطهر في محلها بدون السبع فطهرت في مثله كالنجاسة على الأرض، ولأن المنفصل بعض المتصل والمتصل يطهر بذلك فكذلك المنفصل، وتفارق المنفصل عن ا لأرض ومحل الاستنجاء، لأن العلة في خفتها المحل وقد زالت عنه فزال التخفيف، والعلة في تخفيفها هاهنا قصور حكمها بما مر عليها من الغسل وهذا لازم لها حسبما كانت، ثم إن كانت قد انفصلت عن محل غسل بالتراب غسل محلها بغير تراب، وإن كانت الأولى بغير تراب غسلت هذه بالتراب، وهذا اختيار القاضي وهو أصح إن شاء الله تعالى. انتهى

وحاصل المسألة أن الماء الذي ولغ فيه كلب نجس تجب إراقته وغسله سبعاً إحداهن بالتراب، وكل ما أصابه ذلك الماء فهو نجس يجب غسله سبعاً أيضاً. هذا مذهب الحنابلة والشافعية. ولا يلزم الغسل عند المالكية، لأن سؤر الكلب طاهر عندهم.

وما يصيب البدن أو الثوب من ماء غسلات الإناء السبع، فيجب غسله عند الحنابلة ولهم وجهان في ذلك:

الأول: يجب غسله سبعاً إحداهن بالتراب، وإن كان الإناء سبق غسله بالتراب.

الوجه الثاني: إن الإصابة إذا كانت من الغسلة الأولى يغسل المصاب ستاً، ومن الثانية خمساً وهكذا إلى آخر بقية الغسلات، وراجع الفتوى رقم: 46300.

وبذلك يتبين لك أن المسألة فيها خلاف كبير، والأخذ بقول من استحب الغسل أحوط مع أن الأخذ بغيره سائغ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني