الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أخذ الطبيب أجرة من المرضى دون موافقة المستشفى

السؤال

أعمل طبيب أسنان امتياز بإحدى المستشفيات الحكومية، والمكان الذي أعمل فيه لا يوفّر أدوات ومواد العمل، وأتكلّفها على حسابي الشخصي، مع العلم أن أسعارها عالية، والمقابل المادي الذي يمنحه المستشفى قليل جدًّا، لا يغطّي شيئًا مما يُنفَق، علمًا أنه ينبغي أن يكون الراتب أعلى من ذلك بأضعاف؛ طبقًا للقانون، لكن لا يتم إعطاؤنا حقنا كاملًا، بالإضافة إلى أن الراتب يتأخّر مدة طويلة أحيانًا؛ مما يزيد العبء المادي علينا، وهناك حل استعمله بعضهم، فقد كان يحاسب المريض بتكلفة أقل من تكلفة المستشفى، ويأخذ هذا المال له، ويكون قد حقق لنفسه ربحًا، وخفّف عن المريض التكلفة.
فهل يجوز ذلك عمومًا، أو حتى العمل بهذه الطريقة مدة تسمح بشراء وإيجار بعض الأجهزة التي نستخدمها ذات التكلفة العالية، ثم اتّباع النظام في المستشفى؟ علمًا أن المستشفى لا تسمح بذلك، وتعاقب من يفعل ذلك، لكن العبء المادي كبير، ولا توجد حلول، كما أن الراتب المستحق يصل إلى 4:5 آلاف، ولا يعطونا سوى 2450، وهو قليل جدًّا مقابل ما ننفقه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل أنه يجب العمل بمقتضى العقد، والوفاء بشروطه؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقًا، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني.

وقال القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم، وفيما أعطوا. رواه مالك في الموطأ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الفتاوى الكبرى): إذا كان حسن الوفاء، ورعاية العهد مأمورًا به، علم أن الأصل صحة العقود والشروط؛ إذ لا معنى للتصحيح إلا ما ترتب عليه أثره، وحصل به مقصوده، ومقصوده هو الوفاء به ... اهـ.

فإذا كان المستشفى الحكومي لا يسمح بذلك، ويعاقب عليه؛ فالأصل أنه لا يجوز فعله.

وأما كون الراتب المستحق قانونيًّا أعلى بكثير من الواقع، وكونه يتأخّر عن موعده، ولا يغطّي تكلفة مواد العمل وأدواته؛ فهذه دعوى وخصومة، تُرفَع للقضاء أو للجهات المختصة؛ للنظر في ثبوتها، وملابساتها، وأسبابها، ثم الحكم فيها.

وأمَّا المفتي؛ فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولا يكون تصوّره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيحُه طريقةُ الاستفتاء؛ ولذلك لا يستطيع الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني