الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصدقة على المدين الذي يضيع ماله

السؤال

أخي كثير الدَّيْن، وعليه مبالغ مالية لعدد من الأشخاص، إضافةً إلى ديون لبطاقة مشتريات في البنك. كنتُ قد سألتُ هنا من قبل: هل تجوز عليه الصدقة أو الزكاة؟ وكان الرد: نعم.
أنا أحاول مساعدته كل شهر تقريبًا بمبلغٍ من المال بنيّة الصدقة، لكن عندما أكتشفت أنّه قد ضيَّع المال، أو سدَّد به دينًا مجهولًا لا نعرف عنه شيئًا، أدخل في خلافٍ معه وأقول له: "لو كنتُ أعلم أنّك ستضيّع المال، لما أعطيتك شيئًا". ثم أتخاصم معه وربما أعود فأصالحه، ويتكرر الموقف نفسه. فهل تُقبل الصدقة في هذه الحال، مع أنّ الله تعالى قال: ﴿قولٌ معروفٌ ومغفرةٌ خيرٌ من صدقةٍ يتبعها أذى﴾؟
أنا أتشاجر معه أحيانًا وأسمعه كلامًا غير حسن، لا لشيء إلا لأنني خائفٌ عليه، وأشعر بالقهر حين أراه يُسيء التصرّف.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا تأكد إهدار أخيك للمال، وعدم سداد ما عليه من الديون، مع قدرته على السداد -كله أو بعضه- وكانت التصرفات الصادرة منك تجاهه نابعة من حرصك على إصلاحه، ورغبة في إحسان تصرفه بالمال، وأداء ما وجب عليه من قضاء الديون، ولم يصحبها تعيير، أو إهانة، أو تصرف يدل على الكبر أو الاستعلاء، فنرجو أن لا يكون ذلك من المنّ والأذى المبطل للصدقة، وأن يتقبلها الله تعالى منك.

قال القرطبي في المفهم: لا شكّ في أن الامتنان بالعطاء، مبطل لأجر الصدقة والعطاء، مؤذ للمعطى له؛ ولذلك قال تعالى: لا تبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى.
وإنما كان المنّ كذلك؛ لأنه لا يكون غالبًا إلا عن البخل، والعجب، والكبر، ونسيان منّة الله تعالى فيما أنعم به عليه. اهـ.

لكن يُخشى من التكرار المستمر لهذه التصرفات أن يؤدي إلى شعوره بالمنّ والأذى، رغم حسن النية.

والأولى أن تعطيه الصدقة على وجه لا يتمكن فيه من تضييع المال، حتى تسلم من شائبة المنّ والأذى، كأن تسدد عنه الديون لمستحقيها مثلاً، أو تشتري له شيئًا من الحاجات التموينية، وراجع الفتويين: 43511، 70416.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني