الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النهي عن شك الزوجة في أداء زوجها للصلاة وتجسسها عليه وإساءة الظن به

السؤال

زوجي -ما شاء الله- رجل صالح في جوانب عديدة من الحياة، وله كثير من الإيجابيات. أحبه ويحبني، ويتقي الله في تعامله معي. غير أني لا أعلم لماذا أشعر بكثرة الشك في أنه لا يصلي إذا لم نكن معًا، وليس عندي أي دليل سوى أمور واهية.
مثال: إذا صلَّى أمامي فإنه غالبًا يترك سجادة الصلاة على الأرض بعد الانتهاء. وإذا كنت نائمة ثم استيقظت وسألته: "هل صليت الظهر مثلًا؟" فيجيب: "نعم"، ولم أرَ السجادة، يبدأ عقلي بالشك. وهكذا. أو مثلًا: هو في عادته يقوم للصلاة بعد الأذان بفترة، فإذا كنت نائمة ثم استيقظت بعد الأذان بقليل وسألته: "هل صليت؟" فيقول: "نعم"، فأبدأ بالشك.
فماذا أفعل؟ أخشى أن يكون شكي صحيحًا، وأنه لا يصلي إذا لم أكن موجودة. مع العلم أنه لا يضيّع فرضًا إذا كنا معًا، لكن تكرار مثل هذه المواقف يؤرقني. وأتمنى أن يكون رجلًا صالحًا بالفعل.
كما أشعر أن عليَّ إثمًا إن لم أسعَ في التأكد من كونه يصلي أم لا. فانصحوني؛ فإن مثل هذه الوساوس توتر علاقتي به، وأود لو أتغافل عنها وأترك نيته وسريرته لربه، غير أني أخشى في الوقت نفسه أن أكون آثمة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرت عن زوجك جملة من الصفات الحسنة، فاعملي على تعزيز هذه الصفات فيه بالثناء عليه خيرًا، وحثه على مزيد من الاجتهاد في عمل الصالحات، والدعاء له بأن يزيده الرب تبارك وتعالى هدى وتقى وصلاحًا.

والأصل أن تحملي أمره على أحسن المحامل، وأن تحسني به الظن، وأن تجتنبي إساءة الظن، أو السعي في التجسس على زوجك، فذلك كله مما ورد النهي عنه، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا [الحجرات: 12].

وروى البخاري، ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا... الآية.

وما ذكرتِ من الشك، فإنه من الشيطان ليدخل بينك وبين زوجك، ويفسد هذه العلاقة الطيبة، فتجاهلي هذا الشك، وإذا وسوس لك الشيطان أن زوجك ربما لم يصلِّ، فحدثي نفسك أنه ما دام يصلي أمامك ولا يضيع فرضًا وأنتما معًا، فالأصل أنه محافظ على صلاته في كل الأحوال، وأن هذا هو الظاهر الذي تُبْنى عليه الأحكام، والله يتولى السرائر، وتوقفي تمامًا عن سؤاله ما إن كان صلى أم لا، أو محاولة رؤية أمر غير معتاد يتعلق بالسجادة أو غيرها، فهذا كله مما قد يوتر العلاقة، ويدخلك في دائرة الشك من جديد.

وعليك ترك التفتيش عن حال زوجك، والإعراض عن الشكوك في هذا، بارك الله فيك ووفقك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني