الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يستحق الزكاة من يمنعه الكسل عن الكسب

السؤال

لنا قريب شاب مستهتر نعرف عنه أنه يرتكب المحرمات وقد أدمن المخدرات وكان يأخذ من أبيه الأموال بحجة عمل مشروعات ثم يصرفها على مجونه، ولقد حاولنا نصحه مراراً فكان يعد بالالتزام والتوبة ثم يسقط مرة أخرى فابتعدنا عنه ثم علمنا أنه أنهار وحزن عندما علم أننا لا نريده أن يدخل بيتنا أبداً وبعد فترة أعدنا المحاولة معه والتزم بعض الشيء ثم جاءنا في إحدى المرات باكيا شاكيا من أبيه وأنه لا يريد أن يساعده بمبلغ ليبدأ به مشروعاً جديداً وأنه يعترف بأخطائه السابقة، وأنه كان إنساناً سيئاً إلا أنه تغير الآن وأن أباه لا يريد أن يعطيه فرصة أخرى وطلب من أبي أن يتوسط له عند أبيه ليعطيه مبلغا يبدأ به حياة جديدة وأخبرنا بالمشروعات التي ينوي القيام بها وبالفعل صدقناه وقرر أبي أن يعطيه المال من عنده دون مفاتحة أبيه وبالفعل بدء مشروعاً صغيراً لمدة أسبوعين ثم تركه وعاد لفشله، والسؤال هو: أن أبي قال إنه عندما أخرج هذا المال أخرجه بنية الزكاة ولإنقاذ شاب من الضياع لكننا نعتقد الآن أن معظم هذا المال تم صرفه فيما يغضب الله وأن القليل منه فقط هو ما تم به المشروع فهل يمكن اعتبار هذا المبلغ بالفعل من أموال الزكاة؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بين الله تعالى مصارف الزكاة في كتابه العزيز فقال: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60}، والفقير الذي يستحق الزكاة هو من لا يملك ما يسد حاجته، ولا يقوى على كسب ما يسدها، والمسكين من كان أخف حاجة من الفقير، وكل منهما يعطى ما فيه كفايته، ومن كان فقيراً قادراً على الكسب ولكنه يكسل عن العمل فلا يستحق الزكاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي. أخرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن، وذو المرة هو ذو القوة على الكسب، والسوي هو صحيح البدن تام الخلقة، وفي المسند والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رجلان في حجة الوداع وهو يقسم الصدقة فسألاه منها فرفع فيهما رأسه فرآهما جلدين فقال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب.

وهذا الشاب المسؤول عنه إن كان قادراً على الكسب واجدا للعمل وإنما يمنعه من الكسب الكسل فلا يستحق الزكاة، وأما إن كان لا يجد عملا فلا حرج في إعطائه من الزكاة ما يشتري به آلة أو يفتح به مشروعاً يعمل فيه ويكتسب من ورائه.

وعليه فإن كان والدك أعطاه الزكاة وهو مستحق لها حسب التفصيل السابق ففعله صحيح ومجزئ عن زكاته، وكون هذا الشاب انتكس بعد ذلك وصرف مال الزكاة في الحرام لا يجعل زكاة والدك غير مجزئة، ونوصي أباك والصالحين من قومك بمتابعته ونصحه وانتشاله مما هو فيه من الخبائث عسى الله أن يهديه ويثبته على الحق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني