الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بيعتان ولبستان نهى عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم

السؤال

قرأت في أحد المواقع الإسلامية لحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ونصه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين وعن بيعتين الملامسة والمنابذة، ما معنى هذا الحديث يعني ما هما اللبستان اللتان نهى عنهما الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك ما معنى الملامسة والمنابذة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد روى البخاري وغيره عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين وعن لبستين وعن صلاتين، نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن اشتمال الصماء وعن الاحتباء في ثوب واحد يفضي بفرجه إلى السماء وعن المنابذة والملامسة.

وروى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين وعن بيعتين نهى عن الملامسة والمنابذة في البيع، والملامسة لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار ولا يقلبه إلا بذلك، والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل بثوبه وينبذ الآخر ثوبه ويكون ذلك بيعهما عن غير نظر ولا تراض، واللبستان اشتمال الصماء والصماء أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه فيبدو أحد شقيه ليس عليه ثوب واللبسة الأخرى احتباؤه بثوبه وهو جالس ليس على فرجه منه شيء.

قال صاحب تحفة الأحوذي: (الصماء) بالصاد المهملة والمد، قال أهل اللغة هو أن يجلل جسده بالثوب لا يرفع منه جانباً ولا يبقى ما يخرج منه يده.

قال ابن قتيبة: سميت صماء لأنه يسد المنافذ كلها فيصير كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق، وقال الفقهاء هو أن يلتحف بالثوب ثم يرفعه من أحد، جانبيه فيضعه على منكبيه فيصير فرجه باديا، قال النووي فعلى تفسير أهل اللغة يكون مكروها لئلا تعرض له حاجة فيتعسر عليه إخراج يده فيلحقه الضرر، وعلى تفسير الفقهاء يحرم لأجل انكشاف العورة.

فهذا ما يتعلق بتفسير اشتمال الصماء، وأما الاحتباء فقد قال صاحب عون المعبود: الاحتباء أن يقعد على إليتيه وينصب ساقيه ويلف عليه ثوبا ويقال له الحبوة وكانت من شأن العرب (مفضيا بفرجه إلى السماء) أي لم يكن بين فرجه وبين السماء شيء يواريه فالنهي عن الاحتباء إنما هو بقيد كشف الفرج وإلا فهو جائز.

أما الملامسة والمنابذة، فقد قال الحافظ بن حجر في الفتح: واختلف العلماء في تفسير الملامسة على ثلاث صور، وهي أوجه للشافعية أصحها أن يأتي بثوب مطوي أو في ظلمة فيلمسه المستام فيقول له صاحب الثوب بعتكه بكذا بشرط أن يقوم لمسك مقام نظرك ولا خيار لك إذا رأيته، وهذا موافق للتفسيرين اللذين في الحديث، الثاني أن يجعلا نفس اللمس بيعا بغير صيغة زائدة، الثالث أن يجعلا اللمس شرطاً في قطع خيار المجلس وغيره والبيع على التأويلات كلها باطل... وأما المنابذة فاختلفوا فيها أيضاً على ثلاثة أقول وهي أوجه للشافعية أصحها أن يجعلا نفس النبذ بيعا كما تقدم في الملامسة، وهو الموافق للتفسير في الحديث المذكور، والثاني أن يجعلا النبذ بيعا بغير صيغة، والثالث أن يجعلا النبذ قاطعاً للخيار، واختلفوا في تفسير النبذ فقيل هو طرح الثوب كما وقع تفسيره في الحديث المذكور، وقيل هو نبذ الحصاة والصحيح أنه غيره. وعلة بطلان البيعتين لما تحتويان عليه من الغرر والجهالة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني