الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح غالية لمن تخسر صفقاته التجارية غير الشرعية

السؤال

أستحلفكم بالله أن تقرأ رسالتي ولو كانت طويلة فأنا بحاجة لمن يقول لي ما الصواب وما الخطأ.أخذت من أحد الأشخاص مبلغا لأعمل به واتفقت معه بأن أعطيه نسبة من الأرباح واتفقنا أن يأخذ مني كل فترة مبلغا وفي النهاية يتم الحساب وكتبت له شيكات لضمان المبلغ وبعد عدة شهور خسرت في تجارتي وكان قد أخذ مني مبلغاً لا بأس به لكنه لم يتعرف على خسارتي وضغط علي بالشيكات وأنا أخاف من السجن والبهدلة استدنت من السوق وسددته وبدأت بالانهيار إذ بدأت بشراء بضاعة لأجل وأبيعها وأسد الدين وهكذا كلما أستحق ثمن بضاعة أشتري غيرها. وأخذت مالا من شخص أخر لأعمل به ولكني سددت به جزءا من الدين وصرت أقول لهذا الشخص إننا نعمل وكل وقت اعطيه مبلغا على أساس أنه ربح وغرقت في دين لا طاقة لي برده وتضاعف المبلغ الأساسي مرتين أو ثلاثا وكلما دخلت في صفقة لأعوض اخسر من جديد وهكذا.أنا لا أقطع فرض صلاة ولا أرد سائلا أبدا وأنفق في الخير كثيرا قبل هذه القصة وبعدها وأساعد كل من يطلب المساعدة ابتغاء وجه الله ولا أكف عن الدعاء لا بالليل ولا بالنهار أنا وزوجتي ونتقرب إلى الله بكل ما نستطيع والوالدان راضيان عنا ولا نريد أكل الحرام وكل همنا أعادة أموال الناس ونعمل كل مابوسعنا وتراني أسافر من بلد إلى بلد سعيا وراء هذا ولكن كلها خسارة فوق خسارتي وكلما أغلق باب في وجهي فتح أخر ولكني أخسر والله ساترني بفضله إذ إلى الآن لا أحد يعلم بي ولا يعرف وضعي وكلما استحقت علي دفعة يتيسر لي سدادها مع العلم أنه يفترض بي أن أكون بالسجن. سؤالي جزاكم الله خيرا، هل المبلغ الذي أعطيه للشخص الثاني كل فترة على أنه أرباح يعتبر ربا ويعتبر أكلي وشربي من مال حرام. وأعتبر من العاملين بالربا هل الله لا يستجيب مني لأني أقوم بذلك_ تطبيقا لقول النبي عليه الصلاة والسلام_ ويمدني في طغياني ويعاقبني أم أن الله يستجيب مني ويمتحنني ويمتحن صبري ويساعدني على الصبر والفرج آت. عرض علي شخص أن يعطيني ضمانا بنكيا ويأخذ مني مبلغا مقطوعا مقابل هذا الضمان وأسدد البنك على سنوات. أعلم أن هذا ربا لكن ماذا أفعل إذ أنه كل يوم يزيد المبلغ الذي علي في السوق وإذا علم الناس في السوق وضعي فإني لن أسلم منهم وربما قضيت عمري الباقي في السجن ناهيك عن زوجتي وأبني الصغير الذين لاذنب لهم ووالدي الذي إن علم حجم المبلغ مات فورا من الصدمةساعدني بالإجابة أرجوك أرجوك قل لي ماذا أفعل أخذ الضمان أم أبقى على حالي لحين الفرج. أنا أخاف من توعد الله لآكلي الربا ولم أقبل العرض ولكن00000000 ثقتي بالله كبيرة وكل يوم يخال لي أنه يوم فرج بعد ليلة أقضيها في الدعاء وأكون متفائلا فإنني لم أضر أحد وكل ماأفعله كي لاأضر الناس الذين وثقوا بي وأعيد لكل ذي حق حقه لكني أخاف أن يكون الله غاضبا مني على هذه التصرفات وحالي من سيء إلى أسوأ ولا أعترض على قضاء الله ولا أستطيع التراجع ولا أستطيع أن أفضح نفسي وأرمي بنفسي في التهلكة وقد يسر الله أن أستر نفسي هذا إن كان راضيا عني ولا يعاقبني ويدعني أتورط أكثر فأكثر .إني خائف وضائع لذلك راسلتكم لتفتوني. للعلم كل يوم يزيد المبلغ من 300$_ 500$.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله أن يفرج همك وأن يشرح صدرك وأن يجبر خسارتك وأن يوفقك إلى ما يحبه ويرضاه، واعلم أن ما أصابك إنما هو بشؤم تعدي حدود الله، كما في صحيح ابن حبان وغيره عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. ويظهر هذا التعدي من خلال عدة أمور: الأول: ما تعهدت به للشخص الأول من ضمان رأس ماله، ومعلوم أن ضمان رأس المال في المضاربة أو الشركة بشيكات أو غيرها يفسدها ويجعلها معاملة ربوية محرمة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5160. الثاني: أخذك جزءا من مال الشخص الثاني الذي تعمل فيه، لتسدد به دينك، وهذا لا يجوز لأنك أمين على هذا المال ولا يجوز لك أن تتصرف فيه بمنفعة تخصك إلا بإذن صاحبه. الثالث: إخبارك الشخص الثاني بأنك تربح وإعطاؤك إياه أرباحا وهمية حتى لا يطالبك برأس المال، وهذا لايجوز لأنه كذب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا. متفق عليه، كما أنه ربا، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 10601. ولا يلزم من دفعك لهذا الربا أن مأكلك ومشربك حرام، لأنك مؤكل للربا ولست آكلا له، ولا ريب أن هذه المعاصي التي أشرنا إليها قد تمنع قبول الدعاء، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا في الفتوى رقم: 9554. وما جرى لك من الخسارة وكثرة الدين، ابتلاء من الله تعالى لعلك أن تراجع أمر الله وتعجل بالأوبة إليه. والذي ننصحك به عدة أمور:الأول: التوبة إلى الله، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ومن اتقى الله جعل له من كل هم فرجا ومن كل ضيقا مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2ـ3} الثاني: لا مانع من أخذ هذا الضمان الذي هو عبارة عن قرض ربوي، لتفادي الوقوع في السجن، إذا لم تجد وسيلة غير ذلك لأن مثل هذا ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات، وراجع الفتوى رقم: 48727.الثالث: الإلحاح على مجيب دعوة المضطرين، وفارج كربة المكروبين،ولاسيما آخر الليل، قال الله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ {البقرة:45}، وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له. وعليك بالأدعية المأثورة في قضاء الدين، ففي الحديث عن علي رضي الله عنه: أن مكاتبا جاءه، فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني، فقال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل ثبير دينا أداه الله عنك، قال: قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك. رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الحاكم، وحسنه الألباني، وراجع الفتوى رقم: 18784. الرابع: الكف عن شراء بضاعة بالأجل ثم بيعها نقدا بأقل من سعرها لأن ذلك من شأنه أن يضاعف عليك الخسارة والدين. الخامس: البحث عن أسباب الخسارة ومعرفة كيفية تلافيها وعدم الإقدام على أي مشروع إلا بعد دراسة وتمحيص، وراجع الفتوى رقم: 7768. ونسأل الله أن يسترك بفضله وأن يغنيك بحلاله عن حرامه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني