الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دعاء الإمام والمأمومين جميعا أدبار الصلوات

السؤال

في بعض المساجد بعد كل صلاة الإمام يدعو والمأمومون يأمنون ومعظم الناس يفعلون ذلك من الباكستانيين والهنود أو ما شابه ذلك وكثير منهم من الأحناف، فهل هذا جائز في مذهب الحنفية، وإن كان ما يفعلونه بدعة فكيف أنصحهم وأقنعهم بأن هذا العمل بدعة، أرجوكم دلوني وإن كان لديكم المقدرة بأن تكتبوا لي باللغة الإنجليزية كيفية الرد وإقناعهم بأن ما يفعلونه بدعة فسيكون أفضل، الدال على الخير كفاعله؟ شكراً جزيلاً، وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن دعاء الإمام وتأمين المأموين بعد الصلوات المكتوبات لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من السلف الصالح، بل الذي نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد التسليم من الصلاة المكتوبة إنما هو الذكر المعروف والاستغفار والتهليل، وكانوا يعرفون انقضاء صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير، كما في الصحيحين عن ابن عباس وفي رواية في صحيح مسلم: أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه قال: قال ابن عباس كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن المداومة على غير السنن المشروعة بدعة كالأذان في العيدين... والدعاء المجتمع عليه أدبار الصلوات الخمس. اهـ

وقال في موضع آخر: الثاني: دعاء الإمام والمأمومين جميعاً، فهذا الثاني لا ريب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله في أعقاب المكتوبات كما يفعل الأذكار المأثورة عنه، إذ لو فعل ذلك لنقله عنه أصحابه ثم التابعون ثم العلماء، كما نقلوا ما هو دون ذلك، ولهذا كان العلماء المتأخرون في هذا الدعاء على أقوال: منهم يستحب ذلك عقب الفجر والعصر كما ذكر ذلك طائفة من أصحاب أبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم، ولم يكن معهم في ذلك سنة يحتجون بها، وإنما احتجوا بكون هاتين الصلاتين لا صلاة بعدهما... ومنهم من استحبه أدبار الصلوات كلها، وقال لا يجهر به إلا إذا قصد التعليم، كما ذكر ذلك طائفة من أصحاب الشافعي وغيرهم وليس معهم في ذلك سنة. اهـ

قال ابن القيم: ومن الممتنع أن يفعل ذلك أي دعاء الإمام بعد الصلاة مستقبل المأمومين ولا ينقله عنه صغير ولا كبير ولا رجل ولا امرأة البتة وهو مواظب عليها هذه المواظبة لا يخل به يوماً واحداً. اهـ

وعليه، فإن التزام الدعاء بالصفة التي ذكرت بدعة محدثة ولم يفعله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أسبق الناس إلى كل خير، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه عن عائشة، وفي رواية لمسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد.

وما يفعلونه قد استحبه طائفة من علماء الحنفية عقب صلاة الفجر والعصر فقط، كما سبق في كلام شيخ الإسلام، وعليك أن تنصح أئمة هذه المساجد بهدوء ورفق ولين وحكمة وتبين لهم سنة النبي صلى الله عليه وسلم في المسألة المذكورة، وأن العبادة منباها على التوقيف فلا يعبد الله إلا بما شرعه في كتابه أو على لسان رسوله، ويكون البيان مصحوباً بالأدلة الصحيحة، ويمكنك الاستعانة بفتاوى الشبكة من خلال العرض الموضوعي بالدخول على فتاوى البدع والمحدثات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني