الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يبقى البر واجبا للأب مهما كثرت أخطاؤه

السؤال

أنا مهندسة والدي مركزه مرموق وأنا أعمل وهو يعمل أريد أن أعرف ماذا أفعل معه في بعض الأمور منها أنه يقوم بالشجار مع كل الذين يتعامل معهم بل والأكثر أن جارا لنا كان مشاركا له في شيء ما وله حق عنده ولا يريد أن يعطيه حقه مع العلم أنه يصلي كل فرض في الجامع ولا يريد أن يسمع أي كلام مني فقمت أنا بدفع المبلغ لهذا الرجل بدون علمه وهو يريد مني أن أدفع مبلغاً في البيت مقابل غدائي مع العلم أني أقوم بإحضار العشاء والفطار لنفسي ماذا أفعل معه أريد منك النصيحة التي تجعلني أصبر على جميع مشاكله ومعاملته المهينة معي وأتمنى أن ترد على وتنصحني ماذا أفعل مع كل الجيران تقريبا الذين قام بالشجار معهم ودائما هؤلاء الجيران يقومون بالحديث معي أنا وهذا يسبب لي الحرج. والدتي متوفاة وعانت كثيراً منهأني أعلم أن الله مع الصابرين ولكن في بعض الأحيان أحس بالضيق الشديد والرغبة في الموت لأن الله سيكون أرحم علي منه.أفيدوني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أخطأ أبوك بسوء معاملته مع جيرانه، فإن للجار حقوقاً تجب مراعاتها، وقد أمر الله بالإحسان إليه، قال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ {النساء: 36}.

وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره.

وفي حديث آخر: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. متفق عليه.

وفي حديث آخر: والله لا يؤمن - أقسم على ذلك ثلاث مرات - قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه.

وأخطأ أبوك كذلك في منع الناس حقوقهم، روى أحمد والدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. وفي صحيح البخاري: الظلم ظلمات يوم القيامة.

وعليه، فقد أحسنت في إعطائك المبلغ الذي يطالب به أباك إذا كنت متيقنة أنه - حقاً - يطالبه به، ورغم كل هذه النصوص التي تخطِّئ أباك، فإن بره والإحسان إليه وطاعته في المعروف تبقى واجبة عليك.

قال تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15}.

فعليك أن تصبري على أذاه واحتسبي أجرك عند الله والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وهوني على نفسك وأطيعي أباك في المعروف، وحاولي نصحه وتوسيط أهل الفضل إليه، في أن يتجنب ظلم الناس وأذية جيرانه، فإن ذلك من بره.

واعلمي أن نفقتك قد سقطت عنه منذ أن صرت موظفة تتقاضين مرتباً، فإذا طالبك بالتعويض عن غدائك فافعلي، بل الأحسن لك والأفضل أن تتوددي إليه وتتقربي بالهبات والنفقات.

ومما ننصحك به بعد تقوى الله تعالى أن تبحثي عن زوج صالح بالطرق المشروعة، ففي الزواج من الرجل الصالح فوائد كثيرة وفيه حل للمشاكل التي تعانين منها، وراجعي هاتين الفتويين: 9990، 10103.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني