الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يلزم الغاصب إذا تلف المغصوب بيده

السؤال

رجل ضاع منه وصل (فاتورة) لحجز إسمنت بقيمة 1000 دينار ضاع منه ذلك الوصل فوجده شخص آخر فقام بتزوير هوية الرجل وقام بسحب الإسمنت من الشركة وبعد ذلك قام صاحب الوصل بمراجعة الشركة واكتشف أن شخصا آخر قد انتحل شخصيته و سحب الإسمنت و قد تعرف على ذلك الشخص ورفع ضده دعوى فعرض عليه الأخير مبلغا قدره 3000 دينار مقابل تنازله عن الدعوى.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب على خصمك أن يرد إليك الإسمنت الذي غصبه إن كان باقياً، فإن كان قد استعمله أو باعه أو أتلفه، فالواجب رد مثله، فإن تعذر رد مثله لعدم وجوده فالواجب هو رد قيمته، فإن ثبت له استرداد القيمة بحكم القاضي فتقدر قيمته بثمن مثله في يوم حكم القاضي على الراجح، قال ابن قدامة في المغني: وإن كان المغصوب من المثليات فتلف، وجب رد مثله، فإن فقد المثل وجبت قيمته يوم انقطاع المثل، وقال القاضي: تجب قيمته يوم قبض البدل، لأن الواجب المثل إلى حين قبض البدل، بدليل أنه لو وجد المثل بعد فقده، لكان الواجب هو دون القيمة. وقال أبو حنيفة ومالك وأكثر أصحاب الشافعي: تجب قيمته يوم المحاكمة، لأن القيمة لم تنتقل إلى ذمته إلا حين حكم بها الحاكم. ا.هـ. أما إذا لم يثبت ذلك بحكم القاضي، ولكنه تم بالتراضي بين الغاصب والمغصوب منه، فالراجح أن له قيمته يوم تلفه أو التصرف فيه، لأنه يثبت في ذمة الغاصب حينئذ، قال في الفتاوى الهندية، وهو حنفي: وفي المنقى: غصب من آخر كُرَّاً من طعام يساوي مائة ثم صار يُساوي مائة وخمسين، ثم انقطع عن أيدي الناس وعز وارتفع وصار لا يقدر على مثله وصار يساوي مائتين ثم استهلك الغاصب، فللمغصوب منه أن يضمنه مائتي درهم قيمته يوم استهلكه الغاصب. اهـ. وفي حاشية الدسوقي المالكي: بخلاف التعدي فإن لربها أن يلزم الغاصب قيمتها إن تغير سوقها يوم التعدي.أهـ. وذهب الشافعية إلى أنه يأخذ أقصى القيم من الغصب إلى يوم التلف، ففي روض المطالب للمقري الشافعي: فإن غصب ثوباً أو عبداً قيمته عشرة فعادت بالرُّخص ديناراً ثم تلف لزمه أقصى القيم من الغصب إلى التلف. اهـ.فعلى صاحب الحق في السؤال ألا يأخذ أكثر من ثمن المثل يوم التلف على ما رحجنا من أقوال العلماء، هذا إذا تعذر استيفاء المثل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني