الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج بنية تأخير الإنجاب

السؤال

أنا شاب مقبل على الزواج وفي أول الطريق، وأود أن أبني حياتي، وأخاف أن يعيق وجود أطفال هذا الأمر على الأقل في السنتين أو الثلاث الأولى، وعليه أود أن أستفسر عن الطريقة التي لا تكون فيها أي نوع من حرمان الجنين من حقه في الوجود، حتى أكون أنا مرتاحاً ولست مخطئاً.
أفيدونا أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأيها الأخ الكريم: اعلم أن الله سبحانه وتعالى الخالق للكون أجمعه، العليم بشؤون خلقه، شرع الزواج لتحقيق مصالح لا تتحقق إلاَّ به، منها: فاف الذكر والأنثى، وإشباع الغريزة الجنسية بطريقة شرعية منضبطة.

ومنها: محافظة على الجنس البشري وبقائه لإعمار الأرض والاستخلاف فيها.

ومنها: يجاد المودة والرحمة والعطف بين الزوجين، ليثمر ذلك بينهما روح التعاون على شؤون الحياة، قال الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم: 21].

ومنها: بناء البيوت المؤسسة على أمر الله تعالى، تنشئ وتربي أجيال المستقبل على شرع الله تعالى وأمره، فيصلحوا أو يُصلحوا.
إلى غير ذلك من المصالح العظيمة التي يدركها جليَّا من تأمل في مقاصد الشرع ومصالح البشر.

فلهذا ـ أخي الكريم ـ ننصحك أن تقدم على بركة الله، وتتزوج امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. والحديث في الصحيحين وغيرهما.

واختر ذات الدين الودود الولود، كما وصى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ولا تؤخر الإنجاب بسبب انشغالك أو الزوجة بالعمل أو طلب العلم، وتيقن أن إنجاب الأولاد لن يكون عائقاً في سبيل بناء المستقبل، بل لعل إنجابهم يعين على ذلك، فبهم تقر الأعين صغاراً، ويعينون أباهم ويكفونه شؤون الحياة ومتاعب طلب العيش كباراً.

ولا تتخيل ما يتخيله بعض ضعاف اليقين والتوكل على الله تعالى، وما يوسوس فيه الشيطان من التفكير فيما يطعمهم به ويكسوهم، فإن ذلك أمره إلى الله تعالى، فما من مولود يولد إلاّ وقد كتب رزقه وأجله وهو في بطن أمه. لا يزاد في ذلك ولا ينقص.

والدعوة إلى تحديد النسل وتقليله، دعوة باطلة مخالفة لما شرع الله الزواج من أجله، كما تقدم، ولما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومخالفة للفطرة السليمة والأذواق الطبيعية، فقد جعل الله الولد من زينة الحياة المحببة إلى الناس، فكانوا يتفاخرون بكثرة الولد كما يتفاخرون بكثرة المال، قال الله تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ [آل عمران: 14].

وأما الامتناع عن الإنجاب لفترة محددة لضرورة تدعو إلى ذلك، فلا حرج فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني