الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل كمدير في سوق يباع فيه الخمر وغيره

السؤال

أفتوني زادكم الله علما وحكمة في ما أنا حائر به، أعمل في موسكو بسوق تجاري يملكه عدة شركاء، هؤلاء الشركاء متفقون على أن يستلم إدارة السوق (أحدهم)، وأنا المدير العام الذي وكلني (أحدهم) بالإشراف على هذا السوق وتسهيل أموره حيث إني أتقاضى راتباً محدداً كل شهر والشك يراودني في هذا المال بما أن السوق يحوي قهاوي تبيع المشروبات الكحولية ودخلها لا يزيد عن 5% من مجمل دخل السوق التجاري، فهل الراتب الذي أتقاضاه فيه شيء من الحرام، علما بأن الشركاء دخلهم من إيجار هذه المحلات فقط وليس من دخل ما يباع في السوق وليس لهم أية نسبة معينة من ما يباع في هذه المحلات والقهاوي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اشتمل سؤالك على أمرين:

الأمر الأول: حكم تأجير هؤلاء الشركاء المحلات التجارية لمن يبيع فيها الخمر وغيره من المحرمات، ولا شك في أن ذلك حرام لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها. رواه أبو داود والحاكم.

فلعن صلى الله عليه وسلم كل من أعان على الخمر بأي وجه من الوجوه، وجاء في الحديث: ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر. رواه الترمذي والحاكم بسند حسن.

فإذا كان مجرد الحضور عند شرب الخمر حراماً فكيف بمن يسهل ذلك!! نسأل الله العافية.

الأمر الثاني: حكم عملك أنت في إدارة هذا السوق الذي فيه محلات تباع فيها الخمور، وذلك جائز بشرط ألا تباشر أي عمل فيه إعانة على الخمر أو الحرام ولو بكتابة ورقة أو حملها، ومن باب أولى إبرام العقود واستلام الإيجار ونحو ذلك، فإن رضي منك أصحاب السوق بأن تديرها باستثناء المحلات التي يباع فيها المحرم فلا حرج عليك في ذلك.

كما أننا ننبهك أخي الكريم إلى أنه يجب عليك أن تقوم بواجب الأمر بالمعروف النهي عن المنكر قدر استطاعتك، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني