الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجة حديث: من صلى علي في يوم ألف مرة...

السؤال

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى علي في يوم ألف صلاة لم يمت حتى يبشر بالجنة. رواه أبو الشيخ عن أنس رضى الله عنه (كنز).
السؤال: من يبشرني بالجنة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن القيم رحمه الله في جلاء الأفهام: وروى العشاري من حَدِيث الحكم بن عَطِيَّة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من صلى علي فِي يَوْم ألف مرّة لم يمت حَتَّى يرى مَقْعَده من الْجنَّة. إِسْنَاده ضَعِيف. قَالَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله الْمَقْدِسِي فِي كتاب الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا أعرفهُ إِلَّا من حَدِيث الحكم بن عَطِيَّة. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حدث عَن ثَابت أَحَادِيث لَا يُتَابع عَلَيْهَا. وَقَالَ الإِمَام أَحْمد: لَا بَأْس بِهِ إِلَّا أَن أَبَا دَاوُد الطَّيَالِسِيّ روى عَنهُ أَحَادِيث مُنكرَة. انتهى.

ثم على تقدير ثبوته فيمكن - والعلم عند الله تعالى - أن تكون هذه البشارة بالجنة من الملائكة، وذلك أن الله أخبر في كتابه أن المؤمن تبشره الملائكة بالجنة عند احتضاره، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (فصلت:30).

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وقوله تعالى: تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ قَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَابْنُهُ: يَعْنِي عِنْدَ الْمَوْتِ قَائِلِينَ أَلَّا تَخافُوا. قَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: أَيْ مِمَّا تُقْدِمُونَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الآخرة وَلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا خَلَّفْتُمُوهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا مِنْ وَلَدٍ وَأَهْلٍ وَمَالٍ أَوْ دَيْنٍ فَإِنَّا نَخْلُفُكُمْ فِيهِ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ فَيُبَشِّرُونَهُمْ بذهاب الشر وحصول الخير. وهذا كما جاء في حديث البراء رضي الله عنه قال: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ لِرُوحِ الْمُؤْمِنِ اخْرُجِي أَيَّتُهَا الرُّوحُ الطَّيِّبَةُ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ كُنْتِ تَعْمُرِينَهُ اخْرُجِي إِلَى روح وريحان ورب غير غضبان. انتهى.

كما يمكن أن تكون البشارة عن طريق رؤيا يراها الشخص المبشر أو ترى له، كما في صحيح مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ ... . وفي المسند وغيره عن عبادة بن الصامت قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قوله تبارك وتعالى: { لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة } قال: هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني