الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رضى الله من رضا الأم وسخطه في سخطها

السؤال

إن أمي مريضة نفسيا" فهي تكره زوجتي وكذلك زوجات إخوتي الاثنين لذلك فقد قررت أن تفرض على كل فرد منا مبلغ 200 جنيه شهريا" على الرغم من أن دخلها الشهري من معاش والدي رحمه الله 1000 (ألف) جنيه ولاتدفع إيجار شقة. فهي غير محتاجة لمساعدة مالية إطلاقا" ولكن فرضها هذا المبلغ يأتي من باب مضايقتنا فقط مع العلم باننا موظفون بالحكومة ونعول . كذلك من ضمن فروضها أن تغلق شقتها وتأتي لتقضي مع كل فرد منا أسبوعا" بالتناوب حتى تعمل مشاكل مع زوجاتنا على الرغم من أننا جربنا ذلك وقد وقعت مشاكل بيننا وبين زوجاتنا بسببها لدرجة أنه كاد يحدث طلاق. كذلك أحب أن أوضح أننا نزورها يوميا" ولانبخل عليها إطلاقا". فنحن لانعرف كيف نرضيها ؟ أرجو الإفادة وبخاصة في موضوع فرضية مبلغ ال 200 جنيه على كل فرد وكذلك فرضها غلق شقتها والإقامة عندنا لاختلاق المشاكل ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فحق الوالدين عظيم، وقد قرنه الله تعالى بتوحيده، فقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً{الاسراء: 23}. والأم مقدمة على الأب في البر وحسن الصحبة، ففي الصحيحين: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال من أحق الناس بحسن صحابتي قال: أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من، قال: أبوك. متفق عليه. أما عن سؤالك في ما فرضته أمك عليك وعلى إخوتك من مال فنقول: تجب النفقة على الوالدة الفقيرة بالإجماع، قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى. أما إن كانت غير محتاجة كحال والدتك فلا تجب النفقة عليها، ولا يجب دفع ما فرضته عليكم من مبلغ شهري لا سيما إذا كان سيؤدي إلى تقصيركم في واجب من نفقة واجبة على زوجة أو أبناء، أو كان يلحق الضرر بكم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. أخرجه الإمام مالك وغيره. والأفضل والأكمل لبرها والإحسان إليها أن تدفعوا لها من مالكم ما يطيب به خاطرها بحسب استطاعتكم، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. وأما بخصوص إغلاقها شقتها وإتيانها لتقضي مع كل فرد منكم أسبوعا فننصح بعدم تركها تعيش لحالها لما في ذلك من إحساسها بالوحدة ولحاجتها وهي في هذا السن لمن يساعدها في قضاء حوائجها، فمن البر عدم تركها وحيدة وقد أمر الله بمصاحبة الوالد في الدنيا بالمعروف وإن كان مشركا. قال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً {لقمان: 15}. ويجب مراعاة كبر سنها ومرضها النفسي، وينبغي الصبر على أذاها مراعاة لحقها، كما أن عليكم أن تتذكروا أنها قد صبرت عليكم كثيرا في حملها لكم وتربيتكم والسهر عليكم وإبعاد الأذى عنكم، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، ولتحذروا من التقصير في حقها وبرها، فإن رضى الله سبحانه من رضاها وسخطه في سخطها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الله من رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني