الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

من هم الذين يصادفون ليلة القدر، هل هم جميع المسلمين كل بحسب عمله، هل هم جميع القائمين تلك الليلة أم بعضهم، أو هل يشترط سقف معين من الطاعات لمصادفة ليلة القدر، وهل مضاعفة العبادة فيها إلى ما يعادل عبادة 83.25 سنة للجميع أم للذين يغفر لهم في هذه الليلة فقط؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فليلة القدر في رمضان ويبين ذلك أن القرآن نزل فيها، كما قال الله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ {القدر:1}، والقرآن نزل في رمضان، كما قال الله تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ {البقرة:185}.

وهي تمر على كل من كان حياً في رمضان، والموفق هو الذي وفق لقيامها إيماناً واحتساباً، والمحروم من حرم خيرها ومغفرة الله له، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.

وفي الحديث دلالة على أنه ليس كل قائم يحصل على مغفرة ذنوبه فيها، بل يحصل على ذلك من قامها إيماناً بمشروعية قيامها وفضلها ونحو ذلك، واحتساباً لرضى الله ومغفرته ولو لم يعلم بأنها ليلة القدر، وليس للعبادة فيها حد معين، ولذلك ينبغي للمسلم أن يكثر من الصلاة والذكر وقراءة القرآن والدعاء، لا سيما ما ورد به الدليل، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني. رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه، بل يتحقق للشخص أصل قيامها إذا صلى العشاء والفجر في جماعة.

قال العراقي في طرح التثريب: وقد روى الطبراني في معجمه الكبير عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى العشاء في جماعة، فقد أخذ بحظه من ليلة القدر. لكن في إسناده مسلمة بن علي وهو ضعيف. وذكره مالك في الموطأ بلاغاً عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: من شهد العشاء من ليلة القدر، فقد أخذ بحظه منها. وقال ابن عبد البر: مثل هذا لا يكون رأياً ولا يؤخذ إلا توقيفاً، ومراسيل سعيد أصح المراسيل. انتهى.

وقال الشافعي رحمه الله في كتابه القديم: من شهد العشاء والصبح ليلة القدر، فقد أخذ بحظه منها، ولا يعرف له في الجديد ما يخالفه، وقد ذكر النووي في شرح المهذب أن ما نص عليه في القديم ولم يتعرض له في الجديد بموافقة ولا بمخالفة فهو مذهبه بلا خلاف، وإنما رجع من القديم عن قديم نص في الجديد على خلافه... قال النووي في شرح مسلم معنى يوافقها يعلم أنها ليلة القدر (قلت) إنما معنى توفيقها له أو موافقته لها أن يكون الواقع أن تلك الليلة التي قامها بقصد ليلة القدر هي ليلة القدر في نفس الأمر، وإن لم يعلم هو ذلك، وما ذكره النووي من أن معنى الموافقة العلم بأنها ليلة القدر مردود، وليس في اللفظ ما يقتضي هذا، ولا المعنى يساعده. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني