الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل وصلت المجتمعات إلى حد الضرورة حتى يقال بجواز تعاطي الربا

السؤال

أيّها الأفاضل : كما لا يخفى عليكم أن المال هو العصب الحساس للحياة والدعوة الإسلامية في حاجة ماسة له ، وما سيطر اليهود على العالم إلا بامتلاكهم لرؤوس أموال كبيرة يديرونها وأنا هنا لست في إطار مناقشة مصدر أموالهم .أيها الأفاضل : لقد اختلفت فتاوى علماء المسلمين اليوم فيما يتعلق بالقروض البنكية من أجل بناء مصانع وإنشاء تعاونيات يستطيع الشاب من ورائها تحقيق أرباح إضافة إلى تشغيل العديد من العمال الذين يعيلون أسرا ، إلا أن الشباب يبقى حائرا اليوم في حلية مثل هذه المعاملات ويبقى دائما يطرح الأسئلة :1-هل قدر الله للمسلم أن يبقى دائما فقيرا عاطلا عن العمل وقد أغلقت كل فرص العمل والاستثمار عن طريق المضاربة أو القرض الحسن في وجهه ؟ . وهل بانسحاب الشاب المسلم من هذه المشاريع بحجة حرمتها يكون قد حقق الهدف المنشود ؟ والعكس هو الصحيح إذ قد يستفيد من هذه المشاريع لئام وصعاليك ؟؟ وهل يمكن الخوض في هذه المشاريع وخصوصا ونحن نعيش في مجتمعات لا تحتكم للشريعة الإسلامية في قوانينها وإنما تحتكم لقوانين وضعية قاصرة . هذه جملة من الأسئلة التي تطرح ، فهل يخوض المسلم في مثل هذه المشاريع فيستفيد هو ويستفيد غيره من مصانع وتعاونيات ... أم يبقى بعيدا عنها ؟ أفيدونا برأي سديد جامع ، فقد اختلفت الفتاوى في الموضوع فمن العلماء من أجازها ومنهم من حرمها ، وبقي الإنسان المسلم في حيرة من أمره .وجزاكم الله خيرا .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن مما هو معلوم أن الاقتراض بفائدة ربا، والربا من كبائر الذنوب ومن السبع الموبقات، وما كان كذلك فلا يحل لمسلم تناوله إلا في حالة الضرورة، كما قال تعالى: إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119}. ولم تصل المجتمعات اليوم إلى حد الضرورة حتى يقال بجواز تعاطي الربا، فلو أن الحرام عم الأرض حيث لا يوجد حلال لقلنا يجوز للناس تناول الحرام عملاً بقاعدة الضرورة تبيح المحظورات، بل ينتظر حتى تحقق الضرورة. قال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام: لو عم الحرام الأرض بحيث لا يوجد فيها حلال جاز أن يستعمل من ذلك ما تدعو إليه الحاجة، ولا يقف تحليل ذلك على الضرورات لأنه لو وقف عليها لأدى إلى ضعف العباد. اهـ. وجاء في المنثور في القواعد: وإذا عم الحرام قطراً بحيث لا يوجد فيه حلال إلا نادراً فإنه يجوز استعمال ما يحتاج إليه، ولا يقتصر على الضرورة.

وإذا تقرر هذا فإن الحلال اليوم لا يزال ممكناً موجوداً وإن كان فيه بعض العسر والشدة في بعض البلدان، فلا سبيل إلى القول بجواز التعامل بالربا لعموم الناس، ويبقى جواز ذلك عند تحقق الضرورة في كل شخص بحسبه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني