الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحياة سبب في طهارة كل حي

السؤال

جاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة للشيخ الجزيري بعض النقاط أرجو من فضيلتكم توضيحها وتوضيح مدى صحتها. 1-جاء عن المالكية في باب النجاسات قاعدة أن كل حي وما رشح منه فهو طاهر . فما هو دليلهم على صحة هذه القاعدة خاصة عند وجود حيوانات مثل الكلب والخنزير. 2- أيضا جاء عن الحنفية في حلق الرأس أنه لابأس بحلق وسط الرأس وترك الباقي. أرجو توضيح معنى الجملة ومدى التوفيق بينها وبين معنى القزع .3- جاء عن الحنفية في باب مبطلات الصلاة قولهم يبطل طروء ناقض من نواقض الوضوء إذا كان قبل القعود الأخير بمقدار التشهد أما إذا طرأ بعده فلا تبطل على الراجح.أرجو توضيح معنى العبارة مع التمثيل بمثال وخاصة أن هذه العبارة وردت في أكثر من مكان في الكتاب في فقه الحنفية .وجزاكم الله عنا خير الجزاء .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذهب المالكية إلى أن كل حي طاهر، لأن الموت لما كان سببا في نجاسة كل ميت كانت الحياة سببا في طهارة كل حي، فلعاب الحي وعرقه ورشحه ودمعه طاهر مثله، ولأنه لم يرد الدليل بالحكم على ذلك بالنجاسة، والأصل في الأشياء الطهارة، وأما الأبوال والأرواث ففصلوا فيها بين ما لا يؤكل لحمه وبين ما يؤكل لحمه، فحكموا بنجاسة بول وروث ما لا يؤكل لحمه لورود الدليل على نجاسته، أما بول وروث ما يؤكل لحمه فحكموا بطهارته لورود الدليل على طهارته. ففي المدونة: وقال مالك: إن أهل العلم لا يرون على من أصابه شيء من أبوال البقر والإبل والغنم وإن أصاب ثوبه فلا يغسله، ويرون على من أصابه شيء من أبوال الدواب: الخيل والبغال والحمير أن يغسله، والذي فرّق بين ذلك أن تلك تُشرب ألبانها وتؤكل لحومها، وأن هذه لا تشرب ألبانها ولا تؤكل لحومها. وقد سألت بعض أهل العلم عن هذا فقالوا لي هذا. وفي شرح مختصر خليل للخرشي قال: بول الحيوان المباح الأكل وروثه طاهران؛ إلا أن يكون مما يستعمل النجاسات بالمشاهدة أكلا أو شربا فبوله وروثه نجسان مدة ظن بقاء النجاسة في جوفه.

وأما ما يتعلق بحلق الرأس فقد قال ابن عابدين في حاشيته وفي الذخيرة: ولا بأس أن يحلق وسط رأسه ويرسل شعره من غير أن يفتله، وإن فتله فذلك مكروه، لأنه يصير مشبها ببعض الكفرة والمجوس في ديارنا يرسلون الشعر من غير فتل، ولكن لا يحلقون وسط الرأس بل يجزون الناصية.. ويكره القزع وهو أن يحلق البعض ويترك البعض قطعا مقدار ثلاثة أصابع. فكلامه يدل على أن حلق وسط الرأس بأقل من ثلاثة أصابع لا بأس به، وأن القزع المنهي عنه لا يتحقق إلا بحلق مقدار ثلاثة أصابع فما فوق، وبهذا يظهر التوفيق بين كلام الحنفية رحمهم الله تعالى وبين القزع المنهي عنه.

وأما ما يتعلق بصحة صلاة من قعد قدر أقل التشهد وهو إلى عبده ورسوله ثم أحدث فهو مبني على أن الجلوس للتشهد عند الحنفية شرط وقيل ركن لصحة الصلاة، فإذا جلس المقدار المطلوب فقد تمت صلاته، وأما قراءة التشهد فواجب ويجبر تركه بسجود السهو ولا يبطل الصلاة، وكذلك السلام عندهم ليس بشرط للخروج من الصلاة كما بيناه في الفتوى رقم: 52508.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني