الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

كنت معتكفا في رمضان الماضي إلا أني كنت أخرج إلى الدوام وأحيانا لقضاء حاجة الأسرة وأحيانا لأشياء قد لا تكون ضرورية وفي إحدى الليالي التي خرجت فيها وقعت على زوجتي فماذا يترتب على ذلك من جهة الاعتكاف، وهل التحذير الوارد في الآية ينطبق على هذه الحالة أم على الاعتكاف التام ( بدون خروج من المعتكف )
وماذا يجب أن أفعله؟ أفيدونا بالتفصيل جعل الله الجنة دارنا جميعا وحياكم الله .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فجمهور أهل العلم على أن الاعتكاف أقله ما يطلق عليه اعتكاف عرفا، وراجع تفصيل كلام أهل العلم في الفتوى رقم: 16390.

فإذا كنت -مثلا- تنوي الاعتكاف ساعة أو بعض يوم، فإذا تمت تلك المدة وخرجت فلا حرج عليك فيما تقوم به من مبطلات الاعتكاف كالجماع عمدا، لأن اعتكافك قد انتهى.

أما إن كنت نويت الاعتكاف مدة كيوم أو ليلة أو غيرهما، فعليك إتمام المدة المذكورة، ويبطل الاعتكاف إذا ارتكبت في أثنائه بعض ما يبطله.

ومن الأمور التي يبطل بها الاعتكاف:

1- الخروج إلى ما يمكن الاستغناء عن الخروج إليه.

ففي مطالب أولي النهى للرحيباني أثناء ذكره بعض مبطلات الاعتكاف: أو خرج المعتكف كله لما له منه بد بلا عذر ولو قل زمن خروجه بطل اعتكافه لتركه اللبث بلا حاجة أشبه ما لو طال.

2- الوطء. قال المرداوي في الإنصاف وهو حنبلي: إن وطئ عامدا فسد اعتكافه إجماعا، وإن كان ناسيا فظاهر كلام المصنف فساد اعتكافه أيضا وهو الصحيح من المذهب. انتهى

وقال الشافعي في الأم: ولا يفسد الاعتكاف من الوطء إلا ما يوجب الحد، لا تفسده قبلة ولا مباشرة ولا نظرة. انتهى.

وفي حاشية الصاوي المالكي: وبطل بوطء، فإن وطئ عمدا أو سهوا بطل اعتكافه. انتهى.

والآية الكريمة قد اشتملت على نهي عام عن الوطء في حق كل من شرع في الاعتكاف.

قال الإمام ابن كثير في تفسيره: عن ابن عباس: هذا في الرجل يعتكف في المسجد في رمضان أو في غير رمضان، فحرم الله عليه أن ينكح النساء ليلا أو نهارا حتى يقضي اعتكافه. انتهى.

وقال القرطبي في تفسيره: بين جل تعالى أن الجماع يفسد الاعتكاف، وأجمع أهل العلم على أن من جامع امرأته وهو معتكف عامدا لذلك في فرجها أنه مفسد لاعتكافه.

والاعتكاف ليس بواجب، بل هو نافلة من النوافل. قال القرطبي أيضا: وأجمع العلماء على أنه ليس بواجب، وهو قربة من القرب، ونافلة من النوافل، عمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأزواجه، ويلزمه إن ألزمه نفسه. انتهى. يعني بالنذر.

ومن فسد اعتكافه لا يلزمه قضاؤه إلا إذا كان نذر اعتكاف مدة معينة وأفسده، فيجب عليه استئنافه. قال المرداوي في الإنصاف: وإن خرج لما له منه بد في المتتابع لزمه استئنافه، يعني سواء كان متتابعا بشرط كمن نذر اعتكاف شهر متتابعا أو عشرة أيام متتابعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني