الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تكرار آيات الأحكام له حكم ومزايا عديدة

السؤال

هل هناك حكمة من تطابق الآيتين الكريمتين:
سورة البقرة - آية 173 (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم، وسورة النحل - آية 115 (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم)؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن لتكرار الأحكام والقصص .. في القرآن الكريم حكماً كثيرة ومزايا عديدة، علمها من علمها وجهلها من جهلها.

فليس في القرآن الكريم ما يستغنى عنه أو يمكن أن يحذف، أو شيء لا معنى له.. كما قال تعالى: تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ {فصلت: 42}.

وقال الشيخ سيدي عبد الله في المراقي: ولم يكن في الوحي حشو يقع.

وبخصوص الآيتين المذكورتين، فإنهما جاءتا في سياق الامتنان من الله تبارك وتعالى على عباده المؤمنين، وأمرهم بأكل الطيبات كما أمر بذلك أنبياءه ورسله، ونهاهم عن الخبائث الأربع المذكورة (الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله به).

وقد ذكر تحريم هذه الأشياء الأربع في أربع سور من القرآن الكريم ليتأكد تحريمها ويستقر في نفس كل مسلم، وللتنبيه على خبثها وضررها المادي والمعنوي، وأنه لا يجوز تناولها إلا للمضطر الذي لا يجد غيرها.

وقال بعض أهل العلم: هذه المحرمات الأربع محرمة في جميع الشرائع السماوية لخبثها، وزيد عليها في شريعة موسى عليه السلام تحريم بعض الطيباب التي كانت حلالاً، وذلك عقاباً لليهود على ظلمهم وتعنتهم وبغيهم. قال الله تعالى: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ {النساء: 160-161}.

قال الشوكاني في "فتح القدير" كرر سبحانه وتعالى ذكر هذه المحرمات في البقرة والمائدة والأنعام والنحل قطعا للأعذار وإزالة للشبهة، ثم ذكر الرخصة في جواز تناولها عند الضرورة.

وللتنبيه، فإن ألفاظ الآيات المذكورة ليست متطابقة تطابقاً كاملاً، وأقربها ألفاظاً ما جاء في سورة البقرة، يقول الله تعالى: إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {البقرة: 173}. وفي سورة النحل يقول الله تعالى: إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {النحل: 115}.

ويكون اختلاف الألفاظ أبعد في السورتين الأخريين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني