الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التفاهم أول خطوة في طريق استقرار الحياة الزوجية

السؤال

أنا شاب عمري 31 عامًا، متزوج منذ ثلاثة أشهر ونصف، ولديّ مشكلة أريد أن أستشير أهل الرأي فيها، متمنيًا أن أجد حلًّا، أو رأيًا فيما أعاني منه، وجزاكم الله خيرًا.
مشكلتي كالتالي: خطبت فتاة عمرها 19 عامًا، تربطني بها صلة رحم، وبعد موافقتها طلبت من أبيها أن أراها، فوافق دون تردد، وقال لي: من حقك أن تراها، وتم تحديد موعد لرؤية خطيبتي، ودخلت عليّ بالمجلس، وصافحتني، وجلست أمامي، وخرج والدها لبضع دقائق، ثم سألتها عن دراستها، ورأيها في زواجي منها، فقالت: موافقة، ولديها الرغبة في الزواج.
المشكلة بدأت من بعد الرؤية، بل في نفس الوقت الذي كانت فيه أمامي؛ إذ انتابني خوف، وضيقة صدر، إذ كنت متوقعًا أنها أجمل مما هي عليه عند الرؤية، ولا أدري حقًّا إن كان الخوف من ناحية جمالها أم من شيء آخر، وبعد ذلك تناقشنا أنا ووالدها فيما سيجري بعد الرؤية، وقال لي: استخر، وكلّمني بعد يومين، وانتهى اللقاء بعد ذلك، وخرجت، وصرت أفكر كثيرًا: لماذا هذا الخوف؟ وكنت لا أدري، وكانت هنالك معطيات تشير إلى أنها فتاة جريئة؛ بسبب مصافحتها لي، وكلامها معي، وترددت كثيرًا بالموافقة أو الرفض؛ والذي جرّني للموافقة أمر واحد، هو: ما سمعت عن أخلاقها العالية، والمثالية، والحسنة، وعن أخلاق والدتها الطيبة، وعن أخلاق أخواتها الخمس المتزوجات قبلها، وكان هنالك أمر آخر يدفعني للرفض، وهو الحالة النفسية التي عشتها بعد رؤيتها، وعدم ارتياحي لها، وبعد يومين بادرني والدها بالاتصال، فتفاجأت بالاتصال، ولم أكن قررت بعد، وتوقعت أن يبلغني عن رفضها لي، وأنها استخارت الله فيّ، وسألني عن وضعي، وقلت له: بخير إن شاء الله، وقلت له: كيف حالها؟ فقال: مرتاحة تمامًا، فقلت له على عجل: على بركة الله، ثم أعلنت الخطبة، وتمت ليلة الزفاف على خير، وبعد مرور أسبوع، أو أقل، تفاجأت بسوء أخلاقها، وأنها جريئة جدًّا، ولا تتحمل كلمة: ( لا ) من زوجها؛ إذ كانت تبكي لرفض أي من طلباتها، ويعلم الله أني لم أقصّر بأي حق من حقوقها، وكنت معها حسن الأخلاق، ولم أحمّلها ما لا تطيق، بل كنت لينًا سمحًا، وبعدها كنت ألاحظ عليها كثرة الصمت، وضيق الصدر، فسألتها: ما بك؟ وبعد جدال هادئ قصير، قالت: أنا غير مرتاحة معك، فقلت: لماذا؟ فقالت: لا أدري، فقلت لها: إن كنت ترين عيبًا فيّ، فأبلغيني؛ لأغيّره، فقالت: ليس فيك أي عيب، فقلت لها: نحن في بداية الطريق، والحب لا يأتي بهذه السرعة، وإنما يأتي من خلال العشرة، ومن خلال التضحية من كل منا للآخر، وبعدها -إن شاء الله- تتم المودة بيننا، والرحمة، وبعد ذلك صرت حريصًا أكثر على راحتها؛ لما أرى في وجهها من ضيق، وهمّ، وبعد فترة قصيرة، صرّحت لي بأنها لا تحبني، وأنها تكرهني، وأن هذا الأمر كان معها منذ ثاني يوم من زواجنا، وزوجتي لديها صفات كثيرة غير حميدة، فهي عصبية جدًّا، ومادية جدًّا، وجريئة جدًّا، وغير مدبرة للمنزل، وتهتم بتزيين نفسها عند خروجها لأي زيارة، ولا تهتم بتزيين نفسها لي؛ حتى ولو كنت غائبًا لمدة أسبوع عنها؛ ولا تنفذ كل ما أطلب منها، بل تظل تحاججني في أي موضوع لا يروق لها، وكل هذا كنت أعاني منه منذ بداية زواجنا، وكنت أقول في نفسي: غدًا تكبر، وتعقل، وهي الآن عند أهلها، منذ أسبوعين تقريبًا؛ وذلك بسبب أنها تعبانة نفسيًّا، وتكرهني، ولا تطيق الجلوس معي، والغريب في الأمر أنها وهي لا تحبني وتكرهني، تتصل بي، وترسل لي رسائل حب، وتسأل عني، وتطلب مني مالًا، فهل الأسباب التي ذكرتها أسباب شرعية للانفصال أم لا؟ وإذا كانت الإجابة: لا، فكيف يكون التعامل معها، وهي تكرهني، وأنا لا أميل إليها؛ بسبب ما رأيت منها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:

فما ذكرت -أخي السائل- من مشاكل مع زوجتك، كثيرًا ما تحدث بين الأزواج، وخاصة في بداية الزواج، والسبب هو عدم فهم كل من الزوجين للآخر؛ حيث إن فترة ثلاثة أشهر، أو أربعة أشهر، قد لا تكون كافية لحصول التفاهم المرجو، فننصحك بأن تتريث في أمرك هذا، وأن تحاول أن تفهم شخصية زوجتك فهمًا جيدًا، وهي كذلك، فإن التفاهم هو أول خطوة في طريق استقرار الحياة الزوجية.

أما عن حكم الطلاق، فقد قال ابن قدامة في المغني: والطلاق على خمسة أضرب - يعني منه الواجب، والمستحب، والمباح، والمكروه، والحرام – إلى أن قال: والثالث: مباح، وهو عند الحاجة إليه؛ لسوء خُلُق المرأة، وسوء عشرتها، والتضرر بها، من غير حصول الغرض بها. انتهى.

لكن وإن كان الانفصال مباحًا في مثل حالتك، إلا أننا ننصحك بالصبر عليها، وإحسان سياستها، ونصحها بلين، وحكمة.

واعلم أنه سيظل بها عوج، مهما حاولت إصلاحها، وإقامتها، فليس أمامك إلا أن تستمتع بها على عوجها هذا، فهذا شأن النساء، ولا تنفرد هي بذلك، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن المرأة خلقت من ضلع، ولن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها، استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها، كسرتها، وكسرها طلاقها رواه البخاري، ومسلم، وهذا لفظ مسلم.

وقولك لها: (نحن في بداية الطريق، والحب لا يأتي بهذه السرعة، وإن الحب يأتي من خلال العشرة، ومن خلال تضحية كل منا للآخر، بعدها -إن شاء الله- تتم المودة بيننا، والرحمة)، هو عين الصواب، نرجو أن تلتزم به، وتطبقه.

وإن وصل الأمر إلى النشوز، وهو: عصيان المرأة لزوجها، وترفّعها عن طاعته في المعروف، فلك أن تتعامل معها معاملة الناشز، وقد تقدم الكلام عن كيفية التعامل مع المرأة الناشز، وذلك في الفتاوى: 25009، 9944، 26794، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى: 15387.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني