الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اتخاذ وصنع شعارات وصور وتماثيل الجبابرة لا يجوز

السؤال

ينتشر في مصر الكثير من صور وتماثيل ونقوش وشعارات كلها مأخوذة من صور آلهة لقدماء المصريين الفراعنة، كانت تعبد يوما من دون الله تعالى. هذه الشعارات مثلا تجدونها في شعارات دور العلم كجامعة القاهرة وعين شمس وغيرها، والشركات: كمصر للطيران، والجمعيات والمؤسسات المختلفة، كل يستدعي صورة الإله أو الفرعون الحاكم الذي كان يقدسه المصريون القدماء ويجعله شعارا لجمعيته أو نقابته أو شركته ..الخ. كذلك تستخدم مؤسسات الدولة هذه الصور في تجميل الميادين والأدوات ومواقع الإنترنت. وكذلك تصنع منها تماثيل بغرض الدعاية للآثار المصرية، وإظهارا للاعتزاز بماض البلد الذي بلغ فيه هؤلاء القوم القدماء قمة العلم وتفوقوا على أمم الأرض. وأخيرا، فكذلك تستخدم أسماؤهم مثل: شركة حورس.. معهد مينا.. الخ. السؤال: هل هذه الأفعال والممارسات تجوز؟ وأي منها يباح؟ ولو جازت، فبأي ضوابط؟ وهل تعلمون أحدا تكلم في مثل هذه المسألة من السلف أو الخلف؟ وهل تؤدي التكاليف الكثيرة وربما الأضرار القانونية أو المالية الناجمة عن تغيير شعار أو علامة تجارية لمؤسسة دولية أومحلية من صورة إله قديم إلى شعار آخر مباح، هل تؤدي هذه المشقة إلى إباحتها؟ وهل تدخل تحت عموم البلوى؟ مع العلم أنه لا يوجد ضرر عقيدي مباشر، لكنه ليس بمظهر للمسلم؟ - وأخيرا: ما حكم من يعمل بمجال النشر وتعاقد مع شركة أو مؤسسة شعارها هو إله الطب مثلا عند قدماء المصريين. هل يضعه فيما ينشر؟ هل يفسخ العقد، مع ما يترتب عليه من ضرر؟ الرجاء بحث الموضوع باستفاضة لأنه يتعلق بدولة كاملة ومؤسسات لا حصر لها، مع ذكر الأدلة الشرعية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فتسمية المؤسسات والهيئات بأسماء الجبابرة والطغاة مكروهة لما في ذلك من إحياء ذكرهم، والإفضاء إلى تعظيمهم، قال الرحيباني في مطالب أولي النهي ـ وهو حنبلي ـ : وكذا تكره التسمية بأسماء الفراعنة والجبابرة كفرعون وهامان وقارون والوليد.اهـ. وقال في كشاف القناع ـ وهو حنبلي ـ: ومن الأسماء المكروهة التسمية بأسماء الشياطين كخنزب وولهان والأعور والأجدع. اهـ.

2ـ اتخاذ صور أو تماثيل الظالمين والطغاة والجبابرة، وما عبد من دون الله شعاراً للهيئات أو الشركات أو المواقع على الانترنت لا يجوز لما في ذلك من توقيرهم المفضي -في الغالب- إلى تعظيمهم والافتخار بهم، هذا مع ما هو معلوم من حرمة الرسم وصناعة التماثيل كما بيناه في الفتوى رقم: 680، والفتوى رقم: 7512، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أرسل علياً رضي الله عنه، وقال له: لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفا إلا سويته. رواه مسلم. ولذا فإنه يجب طمس هذه الصور وتلك التماثيل إذا أمكن ذلك دون حدوث فتنة، ولا عبرة بالتكاليف المترتبة على ذلك، إذ الغالب أنها تكاليف معتادة لا مشقة في تحملها، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17625 ، 22353 ، 44148.

3ـ العمل في نشر الإعلانات التي تشمل على صور الظالمين والطغاة والجبابرة لا يجوز لما فيه من الإعانة على الإثم والعدوان، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} . والواجب هو عدم التعاقد على هذه الصفقات، وفسخها إذا تمت، والضرر الناتج عن مثل هذا يُتَحمل لما فيه من الحفاظ على الدين، والمقرر في الشريعة أن حفظ الدين مقدم على حفظ المال، إلا إذا كان الضرر مما يشق تحمله كالسجن ونحوه، فإنه يدخل في تحت قوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ{الأنعام: 119}. لكن يجب في هذه الحالة التخلص من المال المقابل لنشر هذه الصور أو الشعارات، لأنه كسب حرام، والمال الحرام لا يكون ملكاً لمكتسبه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني