الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تمليك منفعة عقار لأولاده مدة حياتهم

السؤال

أمتلك شقة ومحلا وعندي ثلاث بنات ولا يوجد ذكور وأنا في كامل صحتي فهل يجوز لي أن أكتب عقد إيجار لبناتي مع الاحتفاظ بحق الملكية للورثة لأني أريد أن أخصهم بحق الإقامة في الشقة والمحل

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كنت تريد حقيقة الإيجار فعلا أي أنك ستبرم مع بناتك عقد إيجار حقيقي يحدد فيه مدة الإيجار والأجرة، فهذا لا مانع منه، وتجري عليه أحكام الإجارة المعروفة.

أما إن كنت تريد تمليك منفعة الشقة والمحل لبناتك مدة حياتهم، ويكون هذا التمليك تحت غطاء عقد إيجار شكلي لا حقيقي، فإن هذا التصرف هو في حقيقته نوع من الهبات الجائزة، وهل هذا النوع من الهبة ينقل الملك إلى الموهوب له أم لا ينقل، وإنما يتملك المنفعة فإذا مات عادت الهبة إلى الواهب أو إلى ورثته إن كان ميتا.

جاء في المغني لابن قدامة: العمرى والرقبى نوعان من الهبة، يفتقران إلى ما يفتقر إليه سائر الهبات من الإيجاب والقبول والقبض، أو ما يقوم مقام ذلك عند من اعتبره.

وصورة العمرى أن يقول الرجل: أعمرتك داري هذه أو هي لك عمري، أو ما عاشت أو مدة حياتك أو ما حييت أو نحو هذا، إذا ثبت هذا فإن العمرى تنقل الملك إلى المعمر، وبهذا قال جابر بن عبد الله وابن عمر والشافعي وأصحاب الرأي. وقال مالك والليث: العمرى تمليك المنافع لا تمليك رقبة المعمر بحال.. ويكون للمعمر السكنى، فإذا مات عادت إلى المعمر، وإن قال: له ولعقبه كان سكناها لهم، فإذا انقرضوا عادت إلى المعمر.

والصحيح أن العمرى تمليك للرقبى والمنفعة، لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حيا وميتا ولعقبه. رواه مسلم.

أما إذا كنت تريد ذلك مدة محددة كسنة أو خمس سنوات ونحو ذلك فإن ذلك جائز أيضا، وإذا انقضت المدة عادت المنفعة والرقبى إلى الورثة جميعا بما فيهن بناتك.

هذا، ولتعلم أن الهبة لا تكون نافذة إلا بالقبض والحوز كما مر في كلام ابن قدامة، فإذا تأخر القبول والقبض إلى ما بعد الموت كان ذلك وصية لا هبة، والوصية لوارث غير جائزة، وراجع في هذا الفتوى رقم: 1996.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني