الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

فمن المعلوم أنه لا يجوز الحلف بغير الله (من كان حالفا فليحلف بالله..الحديث)
لكن سؤالي هو :هل يدخل في الحلف بغير الله المناشدة بغير الله....كأن تقول (بجاه النبي عندك إلا زرتني..)
مع الأخذ بعين الاعتبار آية النساء (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) وهي المناشدة التي استخدمها عتبة بن ربيعة في قصته المشهورة في كتب السير حين قال -مناشدا الرسول عليه الصلاة والسلام- ناشدتك الله والرحم أن لا سكت.. نرجوالتوضيح وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بينا حكم الحلف بغير الله في الفتوى رقم: 19237. جاء في الموسوعة الفقهية: ثم يقول ابن تيمية: والحلف بالمخلوقات حرام عند الجمهور، وهو مذهب أبي حنيفة وأحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد، وقد حكي إجماع الصحابة على ذلك، وقيل هو مكروه كراهة تنزيه، والأول أصح.. أما التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أرشد أمته إليه ولا فعله أحد من الصحابة ولا التابعين، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، ولمزيد فائدة راجع الفتاوى: 4413، 4416، 16690، 56494.

وأما آية النساء: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ {النساء: 1}. فقال ابن كثير: أي اتقوا الله الذي تعاقدون وتعاهدون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها، ولكن بروها وصلوها. قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد والحسن والضحاك والربيع وغير واحد. اهـ.

وقال القرطبي: قال القشيري: وقد قيل هذا إقسام بالرحم، أي اتقوا الله وحق الرحم، كما تقول: افعل كذا وحق أبيك، وقد جاء في التنزيل: والنجم، والطور، والتين، لعمرك. وهذا تكلف. قلت: لا تكلف فيه، فإنه لا يبعد أنه يكون والأرحام من هذا القبيل، فيكون أقسم كما أقسم بمخلوقاته الدالة على وحدانيته، وقدرته تأكيدا لها حتى قرنها بنفسه. والله أعلم. ولله أن يقسم بما شاء ويمنع ما شاء ويبيح ما شاء، فلا يبعد أن يكون قسما، والعرب تقسم بالرحم. اهـ.

ومن هنا تعلم أنه لا اعتبار بالآية فيما ألمحت إليه لأنها إما أنها لا قسم فيها على ما فسره ابن كثير وغيره، وإما أنها قسم من الله تعالى بالأرحام، ولله تعالى أن يقسم بما شاء على ما يشاء، على ما بينه الإمام القرطبي رحمه الله.

وأما قول عتبة بن ربيعة فغاية ما فيه إثبات أن القسم بالرحم من عادات العرب قبل الإسلام، لأن عتبة قالها للنبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ عليه سورة فصلت، فلما وصل إلى قوله تعالى: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ {فصلت: 13}. أمسك عتبة على فمه وناشده الله والرحم. أخرجه أبو يعلى الموصلي وعبد بن حميد والبيهقي. وقد قدمنا قول القرطبي: والعرب تقسم بالرحم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني