الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إعطاء طالب العلم من الزكاة.. رؤية شرعية

السؤال

لدي إخوان طلاب جامعة يدرسون ووالدهم متوفى وترك لهم مبلغا من المال، هل يجب على هذا المال الزكاة؟وهل يجوز أن أدفعها لهم بكونهم طلاب جامعات وهم بحاجة لدفع أقساط جامعاتهم؟ولدينا عمارة ويوجد منها دخل ولكن هذا الدخل لا يكفي مصاريفهم ورسومهم الدراسية حيث إنهم يدرسون خارج المملكة وأقوم أنا وإخواني الذين نشتغل بدفع مرتب شهري ما قيمته 1000 ريال لوالدتنا لتغطية مصاريفها ومصاريف إخواني الطلاب الذين يدرسون بالخارج.هل يجب الزكاة في المبلغ الذي ورث عن الوالد؟ وإذا وجبت الزكاة هل يجوز دفعها لإخواني الطلاب؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان نصيب كل واحد من إخوانك من المال الذي تركه الوالد قد بلغ النصاب بنفسه أو بضمه إلى غيره من نقود أخرى أو عروض تجارة وحال عليه الحول فيجب عليه أن يخرج زكاته، ولا يجزئ إخراجك الزكاة عنه إلا بإذنه إذا كان بالغا عاقلا؛ لأن الزكاة عبادة لا تصح من مثله إلا بنية، فإن كان غير بالغ أو غير عاقل أخرجتها عنه إن كنت أنت وليه الشرعي.

ولا يجوز لأي منهم أن يصرف زكاته لنفسه؛ لأن من من شروط إخراج الزكاة ألا يعود نفعها للمخرج.

وأما صرف زكاتك أو زكاة إخوانك الذين يعملون إلى إخوانك الذين يدرسون، ويعجز ما لديهم من المال عن الوفاء بمصاريف الدراسة، فقد أجاز العلماء لطالب العلم الفقير المشتغل بتحصيل علم من العلوم التي يحتاجها المسلمون والذي يتعذر عليه الجمع بين طلب العلم والكسب أن يعطى من الزكاة إذا كان نجيبا؛ لأن تحصيل مثل هذا العلم فرض على الكفاية، ولأن نفع علمه يعود على المسلمين وليس عليه فحسب.

قال المرداوي في الإنصاف: واختار الشيخ تقي الدين: جواز الأخذ من الزكاة لشراء كتب يشتغل فيها بما يحتاج إليه من كتب العلم التي لا بد منها لمصلحة دينه ودنياه.انتهى. وهو الصواب ..... ولو أراد الاشتغال بالعلم وهو قادر على الكسب وتعذر الجمع بينهما، فقال في التلخيص: لا أعلم لأصحابنا فيها قولا. والذي أراه جواز الدفع إليه. انتهى. قلت: الجواز قطع به الناظم، وابن تميم، وابن حمدان في رعايته، وقدمه في الفروع.

وقال النووي في المجموع: قالوا -أي الشافعية -: ولو قدر على كسب يليق بحاله إلا أنه مشتغل بتحصيل بعض العلوم الشرعية بحيث لو أقبل على الكسب لانقطع عن التحصيل حلت له الزكاة، لأن تحصيل العلم فرض كفاية. ( وأما ) من يتأتى منه التحصيل فلا تحل له الزكاة إذا قدر على الكسب؛ وإن كان مقيما بالمدرسة. هذا الذي ذكرناه هو الصحيح المشهور، وذكر الدارمي في المشتغل بتحصيل العلم ثلاثة أوجه: ( أحدها ) يستحق وإن قدر على الكسب. ( والثاني ) لا. ( والثالث ) إن كان نجيبا يرجى تفقهه ونفع المسلمين به استحق وإلا فلا، ذكرها الدارمي في باب صدقة التطوع، وأما من أقبل على نوافل العبادات -والكسب يمنعه منها، أو من استغرق الوقت بها- فلا تحل له الزكاة بالاتفاق؛ لأن مصلحة عبادته قاصرة عليه، بخلاف المشتغل بالعلم.انتهى.

فمقتضى ذلك التعليل أن كل مشتغل بتحصيل فرض على الكفاية يعود نفعه على المسلمين يجوز أن يعطى من الزكاة.

وقال الشيخ محمد بن سليمان الكردي في حاشيته على المنهاج القويم عند قول الهيتمي ( ككتب العلم الشرعي ): في الإيعاب هو التفسير والحديث والفقه؛ وقوله ( وآلته ) هو ما ينفع في العلم الشرعي كسائر العلوم العربية كالنحو وكذلك الحساب والطب وغيرها.انتهى.

وعليه؛ فإذا كان إخوانك نجباء في دراستهم، وكان العلم الذي يتعلمونه مما يحتاج إليه المسلمون كالطب والهندسة ونحو ذلك، ولا يمكنهم الكسب أو لا يستطيعون الجمع بين الكسب وبين الدراسة، فيجوز إعطاؤهم من الزكاة وإلا فلا يجوز ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني