الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوالد أحق بالإنفاق عليه وإن فرط في تربية ولده

السؤال

هل الوالد الذي قام بالتربية أحق من الوالد الحقيقي الذي لم يقم بالتربية وترك الأطفال طوال 40 عاما وأيهم أحق بالصرف عليه من جانب الأبناء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن حق الأب في البر والإحسان والنفقة إن احتاج إليها ثابت لا يسقط بحال من الأحوال سواء قام بالحق الواجب عليه اتجاه أبنائه أو ضيعه لسبب أو غيره.

وذلك لأن بر الوالد والقيام بحقه واجب لكونه أبا، لا في مقابلة إحسانه أو تربيته أو غير ذلك مما هو واجب عليه، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23}، ومن الإحسان إليهما الإنفاق عليهما عند حاجتهما، قال ابن قدامة نقلا عن ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى.

ومن هذا يتبين للسائلة أن الواجب تقديم حق الوالد في النفقة وغيرها على غيره ولو كان ذلك الغير قام بالإنفاق والتربية، ولا يعني هذا أن ذلك المربي ليس له حق، بل إنه من باب المعروف والمجازاة بالإحسان ألا يترك وخاصة إذا كان في حاجة إلى ذلك، ويقدر من رباه على مساعدته أخذاً بقول الحق سبحانه: هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ {الرحمن:60}، وقوله صلى الله عليه وسلم: ..... من صنع إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه أبو داود وصححه الألباني.

هذا، وننبه إلى أن هذا المنفق يمكنه الرجوع بالنفقة على أبي هؤلاء الأبناء لكن بشروط منها ألا يقصد بنفقته التبرع، وأن يكون الأب غنياً وقت الإنفاق وإلا فلا يمكنه المطالبة باسترداد ما أنفق، قال الدردير ممزوجاً بنص خليل بن إسحاق: (أو ينفق) على الولد خاصة شخص (غير متبرع) على الصغير فيرجع على أبيه لأن وجود الأب موسرا كالمال لا إن أنفق متبرع أو كان الأب معسرا فلا يرجع. انتهى.

وله أيضاً أن يرجع على الولد الذي أنفق عليه إذا كان للولد مال تعسر الإنفاق منه عليه علم به المنفق واستمر المال إلى حين رجوع المنفق، قال خليل في مختصره: وعلى الصغير إن كان له مال علمه المنفق وحلف أنه أنفق ليرجع عليه... معناه لو أنفق أجنبي على صغير له مال حين الإنفاق عليه... فله الرجوع في ماله ويحلف أنه أنفق ليرجع إلا أن يشهد على ذلك حين الإنفاق فلا يمين عليه حينئذ، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 7167.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني