الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إلحاق الأذى بالجن وأسباب أذيتهم للإنس

السؤال

زوجتي متلبسها الجن ولقد حاولت مع شيخ فاضل بالقراءة عليها وكذلك بالرقى الشرعية ولكن دون جدوى الجن تحدث إلينا ولكنه لم يخرج من جسدها أفيدونا ما هي طريقة العلاج وهل يمكن للجن أن يلحق الأذى بالشخص إذا حاول الشخص إيذاءه؟
وجزاكم الله عنا وعن جميع المسلمين كل خير .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله عز وجل أن يمن على زوجتك بالشفاء وأن يحفظها من كل مكروه، ثم اعلم أنه ينبغي لزوجتك أن تكثر من الطاعة والعبادة وقراءة القرآن وملازمة أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم والطعام والدخول والخروج، فإن الذكر هو الحصن الحصين الذي يهرب منه الشيطان مع تطهير البيت من أي سبب جالب للشياطين كالآت اللهو والصور ونحو ذلك، وأيضاً اللجوء إلى الله بالدعاء والاستغفار والاستعانة به أولاً ثم بالمزيد من الرقية الشرعية، وسوف تنفع إن شاء الله إذا تحققت شروطها وانتفت موانع تأثيرها، كما تقدم في الفتويين: 4310، 5531. ولمزيد من الفائدة والتفصيل راجع الفتوى رقم: 54239 .

أما قولك هل يمكن للجن أن يلحق أذى بالشخص الذي يحاول إيذاءه؟ فاعلم أنه لا يحل إيذاء الجن إلا لدفع صائلهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الجن إذا اعتدوا على الإنس أخبروا بحكم الله وأقيمت عليهم الحجة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، كما يفعل بالإنس قال تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً. ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل حيات البيوت حتى تؤذن ثلاثاً، كما في صحيح مسلم عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بالمدينة نفراً من الجن قد أسلموا فمن رأى شيئاً من هذه العوامر فليؤذنه ثلاثاً، فإن بدا له بعد فليقتله فإنه شيطان. وذلك أن قتل الجن بغير حق لا يجوز كما لا يجوز قتل الإنس بلا حق، والظلم محرم في كل حال، فلا يحل لأحد أن يظلم أحداً ولو كان كافراً، وإن كانت جنية فقد أصرت على العدوان بظهورها للإنس في صورة حية تفزعهم بذلك، والعادي هو الصائل الذي يجوز دفعه بما يدفع ضرره ولو كان قتلاً، وأما قتلهم بدون سبب يبيح ذلك فلا يجوز.

وأما أذية الجن للإنس فتكون لأسباب ثلاثة ذكرها ابن تيمية وهي: أن يكون الجني يحب المصروع، أن يكون الإنسي أذاهم إذا صب عليهم ماء حاراً أو قتل بعضهم، أن يكون بطريق العبث، ولكن لا يقع ذلك إلا بإذن الله وتقديره قال تعالى: وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ {البقرة: 102}.

وأما من أراد أن يعين أحد إخوانه ممن أصيبوا بمس الجن فأراد أن يرقيه فليعمل بنصيحة شيخ الإسلام رحمه الله إذ يقول: وأما من سلك في دفع عداوتهم مسلك العدل الذي أمر الله به ورسوله فإنه لم يظلمهم بل هو مطيع لله ورسوله في نصر المظلوم وإغاثة الملهوف والتنفيس عن المكروب بالطريق الشرعي، ومثل هذا لا تؤذيه الجن، وإن كان الجن من العفاريت وهو ضعيف فقد تؤذيه فينبغي لمثل هذا أن يحترز بقراءة العوذ مثل آية الكرسي والمعوذات والصلاة والدعاء ونحو ذلك، فإنه مجاهد في سبيل الله وهذا من أعظم الجهاد، فليحذر أن ينتصر العدو عليه بذنوبه، وإن كان الأمر فوق قدرته فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها فلا يتعرض من البلاء لما لا يطيق. اهـ باختصار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني